أدت جائحة كورونا إلى إصابة اقتصادات الدول بالشلل وانخفاضات في الناتج الإجمالي والنمو العالمي، وتفاوت حجم الضرر بين الدول المتقدمة والدول النامية وخاصةً الدول ذات الاقتصاد الريعي التي تعتمد على الموارد الطبيعية في صادراتها ودخلها من القطع الأجنبي.
ومع تذبذب أسعار النفط ووصولها إلى مستويات قياسية من الانخفاض، تضررت الدول النفطية بشكل أكبر من الدول التي تمتلك اقتصادات متنوعة، وكان المتضرر الأكبر الاقتصاد الجزائري الذي تبلغ صادراته النفطية 92 في المئة من حجم الصادرات .
حيث وصل سعر برميل النفط في شهر نيسان من العام الفائت إلى 23 دولار أميركي مع إغلاقات لحدود الدول وتراجع حركة السفر والتجارة الدولية، وتراجع الطلب الصيني على النفط الخام .
وأدى إغلاق المعامل والقطاعات الصناعية إلى ضعف الطلب على المواد الأولية الداخلة في هذه الصناعات وأهمها النفط.
نتيجة لذلك انكمش الاقتصاد الجزائري بنسبة 6,4 في المئة خلال عام 2025 بسبب ضعف السيولة لدى الشركات، وتراجع أسعار النفط عالمياً هذا وقد سجلت الموازنة العامة للجزائر لعام 2025 عجز تاريخي فاق 22 مليار دولار أميركي، مما يضع الحكومة تحت ضغوطات لمواجهة هذا التحدي التاريخي .
ويتوقع للاقتصاد الجزائري نمواً قدره 5 في المئة لعام 2025 بعد توقعات في الانكماش وتم اعتماد قانون الموازنة العامة بناءً على سعر مرجعي 40 دولار للبرميل ونتيجة للأزمات النفطية المتوالية انخفضت إيرادات البلاد من القطع الأجنبي لتصل إلى 23 مليار دولار أميركي نهاية عام 2025 .
فمنذ عام 2009 إلى عام 2014 كان الميزان التجاري للجزائر رابحاً بنحو 20 مليار دولار أميركي بفضل عائدات النفط والغاز ليسجل الميزان التجاري أواخر عام 2025 عجزاً بنحو 10 مليار دولار أميركي، وهذا ما أدى إلى استنزاف احتياطي الجزائر من العملة الصعبة وانخفاض سعر الصرف أمام الدولار الأميركي وبالتالي انخفاض القدرة الشرائية للمواطنين.
وسجلت الصادرات تراجع بمقدار 18 في المئة مقارنةً مع سنة 2019 وتراجع في الواردات بنسبة 34 في المئة مقارنةً بنفس السنة مع بلوغها 33 مليار دولار أميركي، والتحدي الأكبر هو عجز الميزان التجاري وذلك لأهمية التجارة الخارجية وتأثيرها الكبير على اقتصاد البلاد.
وفي ظل هذه التحديات وضعت وزارة التجارة برنامج شامل بالتنسيق مع الحكومة الجزائرية يعمل على تقليص الواردات وترقية الصادرات ودعم المنتجات الوطنية.
الخطر الأكبر على الاقتصاد يعود إلى ضعف الصادرات غير النفطية والتي تبلغ فقط 2 مليار دولار أميركي
يجب على الحكومة الجزائرية دعم الإنتاج المحلي وتيسيره للحد الذي يشبع السوق المحلي وتعزيز الصادرات إلى الخارج والعمل على تنويع الاقتصاد، ودعم القطاعات غير النفطية من معامل الحديد والقطاع الزراعي وزيادة تصدير هذه المنتجات بشكل أكبر من الواردات لتقليص عجز الميزان التجاري .
ويشكل الاستيراد غير المدروس والمضبوط خطراً على الصناعات المحلية ويجب أن يقتصر الاستيراد على المواد الضرورية والتي تدخل في الصناعات المحلية و بتحويل المنافسة مع الواردات الأجنبية إلى نقطة إيجابية في تحسين الصناعات المحلية .
سنة عام 2025 هي ليست سنة سوداء على الجزائر وإنما سنة صعبة مليئة بالتحديات والعمل الجاد , واستيراد الجزائر للقاح الروسي سبوتنيك وبدء التلقيح يعزز من فرص إنهاء الجائحة في الجزائر والتخفيف من آثارها السلبية وإعادة فتح الأنشطة التجارية والصناعية وإعادة عجلة الإنتاج .
وقد اعتمد المصرف المركزي على سياسة تحفيزية للاقتصاد في خفض الاحتياطي الإلزامي للبنوك من 3 في المئة إلى 2 في المئة وخفض الحد الأدنى لمعامل السيولة ,وإعادة جدولة الديون والمستحقات , والحرص على مواصلة تمويل الأنشطة الاقتصادية، وسوف تستمر السياسات المالية والنقدية التحفيزية خلال عام 2025 لحين عودة الاقتصاد إلى الوضع الطبيعي , وحرص المصرف المركزي على تحصين القطع الأجنبي من الدولار الأميركي الذي تآكل بسبب الصدمات النفطية منذ عام 2014 .