أدت العوامل الطبيعية كموجات البرد الشديد في آسيا وانقطاع الامدادات والازدحام البحري إلى زيادة فورية في أسعار الغاز الطبيعي المُسال لم يصل إليها من قبل، حيثُ استغلَ هذه الزيادة منتجو الغاز الطبيعي المُسال في سباقِ بيعٍ على مدى الأعوام المُقبلة.
في ظل هذه الأوضاع ازداد مؤشر الأسعار في شمال آسيا إلى ١٨ ضعف في أقل من تسعة أشهر، متصدراً في ذلك على السلع الأخرى ومن ضمنها عملة بيتكوين، ومن بين المنتصرين في هذا السباق شركة “إكسون موبيل”، التي باعت شحنة الأسبوع الماضي مقابل 130 مليون دولار أميركي لليابان، وشركة “توتال” التي حصلت على 126 مليون دولار في صفقة بيع لشركة “ترفيغورا” التجارية، بينما ينتهز منتجون آخرون، مثل “شل”، و”تشينير للطاقة” ومقرها هيوستن، الفرصة لتفريغ الشحنات غير المرتبطة بعقود التوريد طويلة الأجل.
ارتفاع أسعار الغاز المُسيل في آسيا
تسببَّت موجةُ البرد في بعض البلدان الآسيوية في بلوغ واردات الطاقة مستوياتٍ قياسيةٍ لم يتم رصدها من قبل، حيثُ قفزت الأسعار الفورية للغاز الطبيعي المُسال في آسيا حوالي ١٧ بالمئة متجاوزةً أعلى مستوياتها خلال ست سنوات، كمثال عما سبق: صرّحَت مؤسسة العطية للطاقة أنّ متوسط سعر الغاز الطبيعي المُسال الذي سُلم في شهر فبراير إلى شمال شرق آسيا قُدر بنحو 14.60 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، أي بزيادة بلغت 2.10 دولارعن عمليات بيعها السابقة. اعتماداً على ما سبق ارتفعت إجمالي أسعار الطاقة هذا العام بأكثر من ٤٠ بالمئة بسبب ارتفاع الطلب وتراجع الانتاج من قبل الموردين الرئيسين؛ ومن جهة أخرى، أظهرت بيانات خطوط السفن من “ريفينيتيف” أن آسيا ستستورد حوالي 27 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال في شهر ديسمبر، متجاوزةً أعلى مستوى سابق يتم تسجيله منذُ ديسمبر العام الماضي، فحينها بلغ حجم الاستيراد حوالي 23.6 مليون طن، وتم ذلك بقيادة الصين واليابان، كاستنتاجٍ يمكننا القول تراوحت الأسعار بين انخفاضٍ وارتفاع بسبب عمليات الإغلاق بسبب جائحة كورونا وبعض العوامل الطبيعية.
ارتفاع أسعار الغاز المُسيل في أوروبا
كما تؤثر العوامل الطبيعية في آسيا فلها تأثيرها على أوروبا أيضاً من انخفاض درجات حرارة الجو، وتقلص تدفق الغاز من روسيا، وكذلك الغاز المسال عبر البحر، حيثُ أدَّت هذه العوامل إلى ارتفاع السعر الفوري للغاز في أوروبا في أول يوم للتداول هذا العام إلى حدود ٢٥٠ دولار لكل ألف متر مكعب، كما ارتفع سعر الغاز في المركز الهولندي( ttf ) في اليوم التالي للتسليم إلى 253.5 دولار لكل ألف متر مكعب، بعد 243 دولارا لعطلة رأس السنة، و 244 دولارا، وهذه هي أعلى قيمة في آخر 23 شهراً – بدءاً من 25 يناير 2019، في ديسمبر من العام الماضي، تم تداول الغاز بمتوسط 202 دولار، وفي نوفمبر – عند 168 دولارا لكل ألف متر مكعب.
ومن بين أسباب ارتفاع سعر الغاز، هوَ القيود الإلزامية الجديدة المفروضة على شركة “غازبروم”، في ممر نقل الغاز الأوكراني منذ العام الجديد: 40 مليار متر مكعب (110 مليون متر مكعب في اليوم)، بعد أن كانت 65 مليار متر مكعب (178 مليون متر مكعب يوميا) في عام 2025. وإذا كانت “غازبروم” قد ضخت في ديسمبر 2025 حوالي 183 مليون متر مكعب يوميا عبر أوكرانيا، فإنَّها أخذت تضخُ بشكلٍ متوسط 125 مليون متر مكعب في اليوم؛ ويجبر الطقس البارد حاليا أوروبا، على إنفاق احتياطيات الغاز المخزنة تحت الأرض، بالإضافة الى انخفاض تدفق الغاز إلى شبكة خطوط الأنابيب الأوروبية عبر محطات الغاز الطبيعي المسال في يناير 2025 إلى النصف مقارنة بشهر يناير 2025.. قد يكون هذا هو أكبر انخفاض خلال الموسم (في أكتوبر، انخفضت الإمدادات بنسبة 30٪ ، في نوفمبر – بنسبة 39٪، في ديسمبر – 43٪).