أعلنَت إدارة الرئيس السابق للولايات المتحدة ترامب في آخر أيامها الرئاسية في بداية عام 2025، عن قرار بحظر استيراد القطن والطماطم وجميع المنتجات المصنوعة بهذه المواد من منطقة شينغ يانغ في الصين، مستشهدةً بتقاريرٍ لانتهاكاتٍ لحقوق الإنسان والاستخدام الواسع النطاق للسخرة في المنطقة، وقد استند قرار الحظر إلى المخاوف بتقارير الأمم المتحدة بشأن العمل الجبري في المنطقة، وخصوصاً لمسلمي الإيغور وأقليات عرقية أخرى في الصين، حيثُ سَيُجبرَ القرار الشركات المستوردة على إعادة تنظيم سلاسل التوريد متعددة الجنسيات الخاصة بها، وسيسمح الحظر لمسؤولي الجمارك بإيقاف الواردات التي يشتبهون أنها مصنوعة من مواد خام من شينغ يانغ، بغض النظر عما إذا كانوا يسافرون إلى الولايات المتحدة مباشرة من الصين أو عبر دولة أخرى.
أسباب قاهرة للحظر
تعدُّ منطقة شينغ يانغ مصدراً رئيسياً للقطن والفحم والمواد الكيميائية والسكر والطماطم والبولي سيليكون، التي يتم إدخالها في عمليات التصنيع في جميع أنحاء الصين والعالم، ويقدّر اتحاد حقوق العمال أنّ العلامات التجارية وتجار التجزئة الأمريكيين يستوردون أكثر من 1.5 مليار قطعة ملابس تستخدم مواداً قطنيّة من شينغ يانغ كل عام، وهو ما يمثل أكثر من 20 مليار دولار من مبيعات التجزئة في الولايات المتحدة فقط؛ إلّا أنّهُ على خلفية تحقيقات وُجَدَت مؤشراتٍ عديدة للعمل القسري في شينغ يانغ، وأعمال تعسفيّة بحق العمال المجبرين كإغراقهم بالديون، وتقييد الحركة، والأجور الغير مصروفة، وظروف المعيشة والعمل القاسيّة خصوصاً للأطفال والنساء، وسط إنكارٍ للحكومة الصينية عن وجود أي نوعٍ من العمل قسري في شينغ يانغ، قائلةً أنّ جميع الترتيبات طوعيّة وتنمويّة. وقد وصف سكوت نوفا، المدير التنفيذي لاتحاد حقوق العمال، الحظر بأنّه: “دعوة للاستيقاظ بقوة لأيّ ماركة ملابس تستمر في إنكار انتشار مشكلة القطن المنتج بالعمل الجبري في المنطقة “، كما وصفَ السيد نوفا الحظر بأنه سيعيد تحديد كيفية مصادر صناعة الملابس خصوصاً لشركاتٍ مثلَ “أمازون ونايكي و زارا”كما أكدَّ أنّ أي علامة تجارية عالمية للملابس أصبحَت تستورد من خارج شينغ يانغ بالفعل أو تخطط لخروجٍ سريع كيلا تتسبب في كارثةٍ قانونيّةٍ وتضرَّ بسمعتها.
موقف الشركات العالمية من التقارير
أعلنت بعض شركات المنسوجات والملابس التي تستخدم القطن أو الغزل من شينجيانغ أنّها بالفعل قطعت العلاقات، بما في ذلك شركات مثلَ “باتاغونيا” و “ماركس” و”سبنسر”، لكن العديد من الشركات وجدت صعوبةً في تتبع أصول جميع المنتجات التي يستخدمها مورديها الصينيين، لا سيما بالنظر إلى عدم إمكانيّة وصول مدققين مستقلين إلى شينغ يانغ للتعرف على المواد الخام، ومن جهةٍ أخرى، أضافَت إدارة ترامب إجراءاتٍ تقييديّة متزايدة على شينغ يانغ، بما في ذلك فرض عقوبات على عشرات الشركات والأفراد، كما أعلنَ مسؤولو الجمارك فرضَ حظرٍعلى منتجات القطن التي تصنعها فيلق شينغ يانغ للإنتاج والبناء، وهي مجموعة اقتصادية وشبه عسكرية تنتج الكثير من قطن المنطقة. و صرحَ مسؤولون أمريكيين أنّ الجمارك وحماية الحدود الأمريكية احتجزت بالفعل 43 شحنة قيمتها أكثر من مليوني دولار بموجب هذا الحظر. بينما اتخذَت الولايات المتحدة أقوى الإجراءات على هذه الجبهة، أعلنَت كلٌ من كندا وبريطانيا عن قوانينَ جديدة للحد من دخول البضائع المرتبطة بشينغ يانغ إلى بلدانهما.
وقد صرحَ مارك مورغان بحزمٍ، وهو القائم بأعمال مفوض الجمارك وحماية الحدود الأمريكية، إن الأمر سيرسل رسالة واضحة تمامًا إلى المجتمع التجاري وهي:” تعرف على سلاسل التوريد الخاصة بك”. وأضاف أن المستوردين مطالبون بضمان خلو سلاسل التوريد الخاصة بهم من العمل الجبري، إنَّه القانون”!؛ ومن المتوقع بعد هذه القرارات أن تنكمش الصادرات من منطقة شينغ يانغ التي نمَت صادراتها إلى الولايات المتحدة وأوروبا بشكلٍ كبير من عام 2019 إلى عام 2025، وفقًا لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، والضغط على الصين لتغيير سياساتها التجاريّة القسريّة.