أصدرَ البنك المركزي التركي تشريعاً جديداً في الجرائد الرسميّة بخصوص تداول العملات الرقمية داخل الأراضي التركية. ويحظر التشريع البنكي الذي سيسري بدءاً من 30 أبريل نيسان استخدام العملات والأصول المشفرة لشراء أيّ نوعٍ من السلع والخدمات.
ويأتي القرار عقبَ التضخم السنوي الذي وصل إلى 16% في تركيا بحلول شهر مارس 2025 الذي أدى لهبوط قيمة الليرة التركية. مما وجه المستثمرين الأتراك والأجانب لتحويل رؤوس الأموال لديهم إلى العملات الرقمية كالبيتكوين والإيثريوم لتجنب المزيد من الخسائر إثرَ التضخم الحاصل.
هبوط قيمة البيتكوين عقبَ القرار
وفقاً لبيان البنك المركزي في الجرائد التركية: “إنّ مقدمو خدمات الدفع لن يكون باستطاعتهم تطوير نماذج أعمال بطريقة تستخدم فيها الأصول المشفرة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في توفير خدمات الدفع وإصدار الأموال الإلكترونية، ولن يكون باستطاعتهم تقديم أي خدمات ذات صلة بهذه النماذج من الأعمال “.
ووفقاً لوكالة رويترز، أكدّ البنك المركزي يوم الجمعة 16/4/2023 في بيانٍ آخر عبر الإنترنت، أنّ كافة العملات المشفرة الرقمية، وبقية الأصول الرقمية القائمة على تكنولوجيا الدفاتر الموزعة لا يمكن استخدامها كأداةٍ للدفع سواءً بشكلٍ مباشر أو غير مباشر. ووصفَ المركزي تداولات وتعاملات العملات المشفرة على أنّها تنطوي على مخاطر كبيرة. مبيناً أنّ أصولها لا تخضع لأي آليات تنظيم أو إشراف من قبل سلطة تنظيمية مركزية.
كما واصلَ بيان البنك المركزي متهماً التداولات الرقمية بقوله أنّها سببَت أضراراً محتملةً “غير قابلةٍ للإصلاح” في الاقتصاد التركي. وأنّهت بيانها عن التشريع الجديد بتحديد موعد بدء تطبيقه الذي يوافق 30 نيسان/أبريل للعام الجاري.
وقدّ هبطَت عملة البيتكوين التي تعدّ أهم وأغلى عملة مشفرة في العالم بنسبة 2.59 بالمئة منذ صدور القرار. ثمَ ثبتَت قيمتها عند حوالي 61 ألف دولار في نهاية يوم الجمعة. ثمَ هبطت قيمته مرةً أخرى يوم السبت لتستقرعند 60 ألف دولار.
بينما انخفضَت العملات الأثيريّة بنسب متفاوتة بين 6% إلى 12% عقبَ القرار التركي.
الموقف التركي من حظر العملات المشفرة
وفقاً لبياناتٍ لشركة الأبحاث الأمريكيّة “تشين أناليسيس”، فإنّ التداولات الرقمية التي حصلت داخل تركيا منذ فبراير لنهاية مارس تقدر بحوالي 218 مليار ليرة، مقارنةً بقيمة تداولية بلغت فقط 7 مليارات ليرة في الفترة نفسها من العام الماضي.
وقدرَت صحيفة الغارديان أنّ مستوى التضخم في تركيا سجلَ حوالي 16.2% منذ بدايّة 2025. أما نسب البطالة فسجلَت نسبة مرتفعةً جديدة عند 12.2%. وبينما يلومُ تقرير الصحيفة القرارات السياسيّة التركية على هذه الأرقام. حيثُ ألقَت اللوم على قرار الرئيس أردوغان المفاجئ بإقالة محافظ البنك المركزي، ناجي أقبال. حيثُ أصبحَ رابع محافظ مقال للمصرف في غضون عامين فقط. ما دفعَ الشركات لخسارة الثقة بالعملة المحلية التي خسرَت أكثر من نصف قيمتها منذ أزمة العملة بالعام 2018.
وقد أعلنَت شركة جوجل أنّ محرك بحثها قد سجلَ زيادةً في عمليات البحث عن العمليات والعملات الإلكترونيّة منذ صدور قرار إقالة محافظ البنك المركزي ناجي أقبال.
إلا أنّ الحكومة التركية أكدَت مراراً أنّ السبب نتيجة قلة التداول بالليرة والنقد الأجنبي. وأشارَت منذ العام الماضي إلى خطورة هذه التعاملات التي لا تخضع لأي آليات للرقابة أو الإشراف من السلطات الرقابية الدولية. بالإضافة لإمكانية استخدامها بتعاملات إجرامية وصفقات غير مشروعة لكيانات مجهولة.
وفي هذا السياق أكدّ الرئيس التنفيذي لبورصة العملات المشفرة، أوزغور غونيري، أنّ الشعب التركي تعود على الاستثمار بالذهب والعقارات والدولار بسبب تاريخ تركيا مع معدلات التضخم المرتفعة. حيثُ يفضل شعب تركيا الأصول المستقرة التي أصبحَت العملات المشفرة جزءاً منها في عصرنا.
مخاوف دولية تشارك تركيا
أما دولياً فهناك العديد من الدول على رأسها الهند ونيجيريا وبريطانيا والعديد من دول الاتحاد الأوروبي تشارك تركيا في مخاوفها بشأن التأثير الاقتصادي من تداول العملات الإلكترونية وزيادة تعدينها.
حيثُ استهدفَت كريستين لاغارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، عملة البيتكوين تحديداً مناهضةً دورها في تسهيل النشاط الإجرامي العالمي. بينما أعلنَت وكالة رويترز أنّ الهند حسبَ مسؤولٍ حكومي كبير، أنّ الحكومة الهنديّة سوف ستقترح قانوناً يحظر العملات المشفرة، ويفرض غرامات على أيِّ شخص يتداول أو يمتلك مثل هذه الأصول داخل الأراضي الهندية قريباً.
ويتوقَع من دول ذات اقتصادات كبرى أخرى كذلك أنّ تبدأ في تشريع قوانين شارحة لعمل وحصر العملات الرقمية بأدوار معينة. وذلك بدلاً من منع استخدامها كما في تركيا. ذلك في حين ارتفعت عملة البيتكوين بنسبة 111% آخر عامين لتتجاوز حاجز 60 ألف دولار، في حين قفزت الإيثيريوم، ثاني أكبر عملة مشفرة بنسبة 225% في نفس الفترة كذلك.
اقرأ أيضاً: اتصال مباشر بين وزيري خارجية مصر وتركيا لتحسين العلاقات المصرية التركية