ألم تتساءل يومًا عن عدم إمكانيتك شراء إحدى ساعات روليكس من أي زاوية وركن من المدينة؟ ترتبط الإجابة عن سؤالك بمفهوم التوزيع الحصري، الذي عادة ما تستخدمه الشركات لخلق حالة من التفرّد الذي يميز منتجاتها عن منتجات منافسيها جميعًا. وتساعد هذه الاستراتيجية في بناء قاعدة قوية من العملاء المخلصين الذين تعتمد عليهم الشركة بشكل كبير في ترويج ومبيع منتجاتها. كما أنها تزيد من ترقّب العملاء للمنتجات، مما يخلق ضجة كبيرة في السوق، ويدفع بفضول العملاء إلى انتظار كل جديد للشركة. ومن هذا المنطلق، سنقدم تعريفًا أوسع عن مفهوم التّوزيع الحصري، لتكوين صورة أوضح عن هذه الاستراتيجية لفهمها بشكل جيد.
ما هو مفهوم التوزيع الحصري
يتمحور مفهوم التوزيع الحصري حول استراتيجية التسويق التي تدور بين المصنعين والموزعين، والتي يمنح فيها الموزع حقوقًا حصرية لبيع المنتجات داخل موقع جغرافي معين وفقًا لإرشادات الشركة. أي يمكن القول إن التّوزيع الحصري يمثّل اتفاقًا بين الموزع والشركة المصنعة. ويقوم هذا الاتفاق على ألا تبيع الشركة المنتجات إلى أي شخص آخر باستثناء الموزع الحصري، في حين يلتزم الموزع بعدم بيع منتجات المنافسين.
في بعض الأحيان، قد تحدّ الشركة من عدد المنتجات التي تزودها لمتاجر التجزئة، ويتم كل ذلك للاحتفاظ بمركز مهيمن في السوق. بالإضافة إلى ذلك، قد يضطر الموزعون الحصريون إلى إبرام اتفاقية بعدم بيع منتجات المنافسين، وهو ما يفيد المورّد الذي يملك السلطة الكاملة على توزيع المنتجات. وقد يكون المنتج حصريًا عالميًا، أو في بعض الأحيان لا يمكن أن تقتصر حصريته إلا على منطقة جغرافية أو سوق معين.
لماذا تعتمد الشركات على التّوزيع الحصري
عادة ما تستخدم الشركات مفهوم التوزيع الحصري لتوزيع المنتجات عالية الجودة والتي تتطلب مستوى متخصصًا من المهارة. ويتيح للشركات الترويج المدروس والسيطرة على سياسات الخدمة وسعر الوسيط والعديد من العوامل الأخرى.
أمثلة عن التوزيع الحصري
عادة ما تعتمد الشركات الصناعية على مفهوم التّوزيع الحصري. على سبيل المثال، شركات الإلكترونيات ذات التقنيات العالية، ومصانع الملابس النسائية، وشركات صناعة السيارات، وغيرها. ومن أبرز الشركات العالمية التي تعتمد هذا المبدأ:
- سامسونج.
- غوتشي.
- لامبورغيني.
- آبل.
- بي ام دبليو.
- مرسيدس.
بالعودة إلى مثال روليكس، لنفترض أن الشركة تحتاج موزعًا في منطقة معينة. تدرك الشركة أن وجود صالات عرض في كل مكان في تلك المنطقة يخفض من أسهم علامتها التجارية. لذلك، تقرر الشركة الحصول على موزع حصري للمنطقة المذكورة، فيبدأ الموزع عمله هذا. وبعد حصول الشركة على نتيجة مرضية، تقرر تعيين موزع في منطقة أخرى. عندها قد تقرر تعيين نفس الموزع في المنطقة السابقة، أو اختيار موزع جديد.
وقد يشمل عقد التّوزيع الحصري منطقة صغيرة أو كبيرة. ومع ذلك، لا يسمح لأي شخص آخر بتوزيع منتجات العلامة التجارية أو المنتج الذي تم تعيين الموزع المعين حصريًا لتوزيعه داخل منطقة معينة.
مزايا التوزيع الحصري
تعتمد الشركات على التّوزيع الحصري لعدة أهمها:
- السيطرة: لأن الموزع الحصري نفسه يعتمد على الشركة، وإلى جانب التوزيع يمكن للشركة التركيز على أنشطة التسويق والإعلان لزيادة جذب العلامة التجارية.
- التوافر: من الخصائص الرئيسية للموزعين الحصريين أنهم قادرون ماليًا على تخزين كمية هائلة من المنتجات، ونتيجة لذلك، يمكن إيصال المنتجات لتجار التجزئة وتجار الجملة، مما يزيد من التوزيع والبيع.
- يجعل اختراق السوق أسهل: لان الشركة تحتاج إلى مساعدة في نشر اسمها، فيتيح التوزيع الحصري لها التركيز الكامل على بناء العلامة التجارية والقيام بالأنشطة الترويجية، مما يجعل من اختراق السوق أسهل بكثير.
- التوطين: من المزايا الرئيسية للتوزيع الحصري، إذ يساعد الشركة على الدخول في اتفاقيات حصرية مع موزع محلي جدير بالثقة في حال نشر علامتها في دولة أجنبية.
- زيادة المبيعات والأرباح: يمكن أن يؤدي اعتماد استراتيجية التّوزيع الحصري إلى تحسين المبيعات بشكل كبير، ودفع النشاط التجاري نحو الأمام. فعندما تصبّ العلامة التجارية جميع جهودها التسويقية على الموزعين الحصريين، فمن المرجح أن تشهد نتائجًا عالية الجودة في المقابل. ناهيك عن أن الحد من عدد تجار التجزئة يضمن أن يكون ممثلو المبيعات على دراية جيدة فيما يتعلق بميزات المنتج والتفاصيل الهامة. وهو أمر مهم بشكل خاص إذا كانت الشركة تبيع منتجًا تقنيًا قد لا يعرف الناس كيفية استخدامه في البداية.
مساوئ التّوزيع الحصري
يوجد العديد من المساوئ لاستخدام أسلوب التّوزيع الحصري منها:
- الثقة: لن تنجح أعمال التّوزيع إلا إذا كان الموزع الحصري جديرًا بالثقة. فقد يميل الموزع إلى أخذ مختلف أرباح العملية التسويقية والإعلانية لنفسه بدلًا من استخدامها لرفع سوية وشهرة العلامة التجارية.
- التبعية: إذ كانت علامتك التجارية جديدة، ولم تبدأ ببناء شعبيتك في السوق، ستجد أن هناك تبعية للموزع الحصري. إذ يمكن للعلامات التجارية مثل بي ام دبليو ورولكس البيع بغض النظر عن الموزع الحصري المسؤول عن بيع منتجاتها في منطقة ما. في حين تضطر العلامات التجارية الناشئة إلى الرضوخ والتبعية للموزع الحصري.
- النزعات التي تسبب خسائر فادحة: عند النظر في التوزيع المنتظم، فإن نزاعًا مع موزع واحد، يعني مشكلة ممكنة الحل، فلا تؤثر بشكل كبير على نظام العمل. لكن ذلك يسبب مشكلة كبيرة في حال العمل مع موزع حصري، لأنك ستفقد السوق بأكملها. ما يسبب خسائرًا فادحة ليس فقط في المال، بل في الوقت الضائع أيضًا، ويؤدي إلى تردي الوضع الاقتصادي للشركة.
- اختيار الموزع الحصري المناسب: من المهم أن تختار الموزع المناسب الذي يتماشى مع علامتك التجارية.
في النهاية، يمكن القول إن اختيار استراتيجية التّوزيع الحصري للعمل تتطلب دراسة ووضع العديد من الاحتمالات في الحسبان. فالأمر لا يقتصر فقط على بعض الوقت والجهد والمصروف مع شخص ما، بل هو أمر مرتبط بسمعة الشركة والعلامة التجارية، وكيفية تسويق ونشر العلامة، والحفاظ على اسمها بين الناس.