كيف تصل الكهرباء إلى بيوتنا

قد نتساءل أحيانًا كيف تصل الكهرباء إلى بيوتنا متخيلين مدى التعقيد الذي يتكلفه هذا الأمر، وإن اكتساب المعرفة
بشكل عام حتى ولو لم يكن في تخصصنا هو أمر هام يدفعنا نحو تطوير النفس، ويبدأ ذلك الأمر بطرح الأسئلة حتى
ولو كانت سطحية وعامة إلا أنها تكون البداية الصحيحة والواقعية خاصةً لأولئك الذين يجب أن يبحثوا عن مثل هذه
الإجابات في تخصصاتهم ولهذا نهتم نحن في تجارتنا باستحضار هذه الأسئلة الهامة والإجابة عنا، وهنا في هذا
المقال سنجيبكم عن سؤال كيف تصل الكهرباء إلى بيوتنا.

اهتممنا في “تجارتنا” بتخصيص ملف لعلوم الطاقة، حيث تجد بعض المقالات التي أسهبنا فيها بتفاصيل الطاقة
المتجددة وغير المتجددة ومصادر الطاقة، والهدف من ذكر هذا الأمر هو أن المصدر الأول لتوليد الكهرباء التي إلى
المنازل أو أي مستهلك هو بشكل بديهي محطات توليد الطاقة الكهربائية، وتلك المحطات هي منشآت ضخمة تتحمل
مهمة توفير الكهرباء للمدن أو القرى بشكل كامل، كما تكمن مهمتها في استخراج طاقة من مصدر ما، ومن ثم تحويل
هذه الطاقة إلى صورة أخرى تتمثل في الطاقة الكهربائية ثم الانتقال للمهمة التي لا تقل أهمية عما يسبقها، ألا وهي
مهمة نقل وتوزيع الكهرباء.

محطات توليد الطاقة الكهربائية وإنتاج الكهرباء

قبل الانتقال للإجابة عن سؤال كيف تصل الكهرباء إلى بيوتنا، قد يفيدك معرفةً أن اغلب مخطات توليد الطاقة
الكهربائية تقوم بتوليد الكهرباء عبر عملية يتم فيها القيام بغلي المياه (نعم كل ما نحتاجه هو مصدر لغلي المياه)،
والمصدر الذي نستخدمه غالبًا ما يكون بحرق الوقود الأحفوري كالفحم والغاز الطبيعي والنفط، ولكن يتم حرقه في أفران متخصصة.

بعد عملية الحرق، تغلي كميات المياه الضخمة التي بدورها تنتج بخارًا هائلًا، ويستخدم المهندسون والعمال
المتخصصون هذا البخار في تحريك التوربينات التي يتم توصيلها بمولدات كهربائية، هل فهمت ماذا نعني الآن؟

إن ما تطلبه الأمر هنا هو أن حرق الفحم أو النفط واستخدامه في غلي المياه وإنتاخ بخارها الهائل قد تسبب في تكوين
طاقة حرارية، ولما انتقل البخار للتوربينات تم تحويل الطاقة الحرارية تلك إلى طاقة حركية، ثم نقلت التوربينات
الطاقة الحركية بدورها إلى المولدات الكهربائية التي حوّلت الطاقة الحركية إلى الطاقة الكهربائية، وبذلك نجحنا في الحصول على الكهرباء.

ملحوظة لقراء “تجارتنا” الأعزاء: إذا كنت مهتمًا بعلوم الطاقة أو طالبًا في الهندسة ببداية هذا المجال فننصحك بقراءة
مقال مصادر الطاقة المتجددة وغير المتجددة.

مراحل توصيل الكهرباء الى البيوت

في الحقيقة، فإن الحصول على الطاقة الكهربائية يُعد فقد نصف المهمة بالنسبة لمحطات الطاقة، إذ تكمن المهمة الأكبر
والأثقل في نقل وتوزيع هذه الكهرباء للمدينة أو القرية ببيوتها ومصانعها التي بالتأكيد ستكون على مسافة كيلومترات
كبيرة، ولعلمك فإن هذه المسافات الطويلة تتسبب في هدر للطاقة الكهربائية، أي أننا إذا قمنا بتوصيل الكهرباء من محطة التوليد للمنازل بشكل مباشر عبر أسلاك فقط فلن تصل الكهرباء أصلًا، إذًا ما الحل؟

يكمن الحل في تقسيم هذه المهمة الصعبة لعدة مراحل،

خطوط الجهد العالي

كيف تصل الكهرباء إلى بيوتنا
كيف تصل الكهرباء إلى بيوتنا

على محطات توليد الطاقة أن تنتج الكهرباء بجهد يصل أحيانًا إلى 25.000 فولت وأحيانًا يزيد عن ذلك في بعض
المحطات، وبهذا يمكن لنا نقل الكهرباء عبر ما تُسمى بـ”خطوط الجهد العالي Overhead Lines” والتي يكمن دورها في نقل الكهرباء التي أعطيناها لها إلى مخطات طاقة فرعية كبيرة.

تتمثل مهمة محطات الطاقة الفرعية في رفع الجهد الكهربائي ليصل إلى نحو 400.000 فولت، وقد تتساءل قائلً
ا كيف قامت هذه المحطات الفرعية برفع الجهد بهذا القدر الضخم، وسنجيبك في هذه الحالة بأن ذلك يتم عبر استخدام
المحولات Transforms التي ترفع الجهد -بالتأكيد سنخصص مقالًا كاملًا لنحدثك عن هذه المحولات-.

بفضل المحولات، تستطيع محطات الطاقة الفرعية الآن إرسال الكهرباء عبر مسافات طويلة دون القلق من فقدان
الكثير من الطاقة، ومن ثم ستصل إلى محطات فرعية أخرى ستقوم بدورها بتخفيض الجهد الكهربائي عبر المحولات أيضًا، وعليها أن تقوم بذلك حتى يتناسب الجهد مع ما تستخدمه الأجهزة الكهربائية المعتادة بالمنازل.

مهمة نقل الكهرباء

نتيجة بحث الصور عن اعمدة الكهرباء

ما زلنا لم نصل إلى نهاية مهمتنا بعد، فها هي الخطوة الأكبر قد أتت، حيث ستقوم محطات الطاقة الفرعية بنقل الكهرباء “التيار الكهربائي” عبر أسلاك كبيرة تُسمى هندسيًا بخطوط نقل الكهرباء ويعرفها طلاب الهندسة بمصطلح Transmision Lines، حيث يتم حمل هذه الخطوط “الأسلاك” على أبراج ضخمة تُصنع من الفولاذ -كما ترى بالصورة-، وتقوم أبراج الكهرباء هذه بحمل التيار الكهربائي على أسلااكها لمسافات تتعدى أحيانًا الـ 400 كيلومتر.

مهمة توزيع الكهرباء

يعرف طلاب الهندسة الكهربائية هذه المهمة باسم Distribution، وفيها تنتظر محطة فرعية أخرى الكهرباء القادمة من هذه الأبراج الضخمة، وعليها ستقوم بتخفيض الجهد القادم لها مرة أخرى عبر محولات تُدعى محولات خافضة للجهد Step-Down Transformer حتى تتناسب مع استخدامات المنازل وتصبح أكثر أمانًا، ولمعلوماتك فغالبًا ما يتم تخفيض ذلك الجهد الكهربائي ليتراوح ما بين 11.000 إلى 33.000 فولت.

وصول الكهرباء للمنازل

بعدما قامت آخر محطة فرعية بتخفيض الجهد في مهمة التوزيع، تستطيع الآن أن ترسل التيار الكهربائي إلى خطوط توزيع الطاقة “المحلية” إلى المنازل، وقد تتفاجأ قائلًا هل تصل الكهرباء إلى المنازل بذلك الجهد الذي قد يكون 11.000فولت، بالطبع لا، فهناك محولات خافضة للجهد أخرى (كما بالصورة) تنتظر هذه الكهرباء لتخفيضها إلى 240 فولت كحد أقصى لتناسب استخدام المنازل (أحيانًا يتم تخفيضها إلى 110 فولت في دول كالسعودية و 220 فولت في دول أخرى مثل مصر)، وهذه المحولات تكون متواجدة بشكل منتشر حيث تكون على شكل صناديق خضراء اللون، أو تُثبت على الأعمدة.

بعد ذلك أصبحت المهمة بسيطة، حيث سيتم توصيل الكهرباء من المحولات إلى المنازل عبر سلك خاص وتنتهي المهمة، وأحيانًا يتم وضع تلك المحولات تحت الأرض وفي هذه الحالة تقوم شركة الكهرباء المختصة بتوصيل الكهرباء من خلال صندوق عدادات حتى تستطيع مراقبة كمية استهلاك الكهرباء.

وبالطبع، لا زال هناك الكثير لنتحدث عنه فيما يخص تفاصيل كل مرحلة ومصطلحاتها السائدة، وهذا ما ستنتظروه منّا هنا في موقع تجارتنا في المقالات القادمة.

Scroll to Top