يتكون الحرير من مواد بروتينية وألياف طبيعية تنتجها دودة القز. وهو من أشهر الأنسجة الطبيعية التي يستخدمها الإنسان في مختلف الصناعات كالأقمشة والملابس والسجاد. لذا لابد من دراسة خطوات إنتاج الحرير الطبيعي التي تنتجه تلك الحشرات الصغيرة بدقة تتجلى فيها عظمة الخالق، وقدرة الطبيعة على العطاء.
أنواع الحرير الطبيعي
تتمّ عمليّة إنتاج الحرير الطّبيعي من خلال يرقات تختلف بأجناسها، مما أدى إلى تعدد أنواع الحرير التي نوجزها وفق الآتي:
- حرير التّوت: يعدّ من أفضل أنواع التّوت وأشهرها. وينتج من دودة القز التي تتغذى على أوراق التّوت. وبهدف تحسينها قام الإنسان بتدجينها. ويعرف هذا النّوع من الحرير بلونه الأبيض، ونعومة ملمسه بالإضافة إلى خيوطه المتينة والقويّة.
- حرير الخروع: اشتهر في شمال شرق الهند تحديدًا في منطقة أسام. وينتج من دودة الحرير الخروعيّة التي تتغذّى من أوراق شجر الخروع. ومن مميّزاته قوّة خيوطه بالإضافة إلى ذلك سماكتها، حيث تصنع منه الأقمشة والملابس الشتويّة. ولا بدّ من الإشارة إلى أنّه لا داعٍ إلى قتل اليرقة داخل شرنقتها لأنّها مفتوحة.
- حرير دودة الأنافي: من المتعارف عليه أنّ دودة الأنافي تعيش في وسط جنوب إفريقيا. ولا بد أن نشير إلى أنّ هذه الدّيدان تتغذّى من الغابات. ويمتاز حريرها بقوّته، بالإضافة إلى ذلك استعماله في صناعة أنسجة الدّيباج والإستبرق الغليظ.
- حرير الكوان: الذي تنتجه العديد من اليرقات التي تستوطن شمال حوض البحر المتوسط. بالإضافة إلى ذلك، تتغذّى هذه اليرقات من أوراق أشجار الصّنوبر والسّرو والعرعر. واشتهر هذا النّوع في صناعة ملابس النّبلاء.
- حرير العنكبوت: تنتج أنثاه خيوط الحريرِ القويّة حيث تبلغ قوّتها خمسة أضعاف قوة الفولاذ. بالإضافة إلى ذلك تفرزُ الأُنْثَى الواحدةُ حوالي ثمانيةَ أنواعٍ من الخيوطِ المختلفة عن بعضها البعض. وتُستخدم هذه الخيوط في صناعة القمصان الواقيةِ من الرَّصاصِ، إضافة إلى صناعة التّلسكوب.
كيفية إنتاج الحرير الطبيعي
تعتمد عمليّة إنتاج الحرير الطبيعي على الخطوات التّالية:
- بدايةً زراعة نبات التّوت الهندي الأبيض، الذي تتغذّى منه دودة القز. بالإضافة إلى ذلك غناه بالمواد المضادة للأكسدة والبروتين، والألياف التي تساهم في الحصول على أفضل أنواع الحرير.
- تعقيم بيض دود القز عند شرائها أو استيرادها وحفظها في مكان آمن لمدّة ستة أسابيع إلى أن تتحوّل إلى يرقات.
- تغذية اليرقات المتواجدة على أوراق التّوت التي يجهّزها لها المربّي حتّى بلوغها مرحلة الشّرنقة.
- تبدأ اليرقة بعملية غزل الحرير حولها مكوّنة بذلك شرنقة. ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ طول الخيط يبلغ حوالي 900 متر تقريبًا. وبالإضافة إلى ذلك تعدّ هذه الخيوط مسؤولة عن إفرازات سائلة لزجة ولاصقة تنتجها اليرقة بكثافة من خلال أربع غدد، لتتحوّل هذه الإفرازات السّائلة إلى خيوط مترابطة.
- بعد انتهاء مرحلة التّشرنق تتكوّن كرة من الحرير الخام حول اليرقة. ولا بدّ أن نشير إلى أنّ هذه الكرة يجب أن توضع في الماء المغلي بغية قتل اليرقة قبل أن تتحوّل إلى فراشة وتمزّق كرة الحرير. هذا بالإضافة إلى التخلّص من المادّة اللّزجة واللاصقة للحصول على خيوط سهلة الفك والغزل.
- وصولًا إلى لف خيوط الحرير على بكرات مخصصة، وتوزيعه وفصله والتخلص من تلك التّالفة.
- وأخيرًا تجفيف هذه البكرات وجمعها وتجهيزها للغزل مباشرةً.
أسباب ارتفاع سعر الحرير الطبيعي
- إهمال نقل ثقافة تربية دودة القز وتطوير صناعة الحرير والاستفادة منه من الناحية الاقتصاديّة.
- عدم تأقلم دود القز مع جميع أنواع المناخ، بالإضافة إلى ذلك عدم التّشجيع على زراعة نبات التّوت الذي تتغذّى منه دودة القز.
- غياب دعم الحكومات لبعض الصّناعات القائمة على استخدام الحرير وبالتّالي كثرة استيراده.
- الجهد الكبير التي تتطلّبه صناعة السجاد اليدويّ، بالإضافة إلى ذلك غياب الآلات الحديثة التي تستخدم في عملية الغزل والنّسج.
- غياب الخبرة والمعرفة، ناهيك عن عدم الإلمام بكيفية تربية دودة القز والاهتمام بها، ممّا يؤدّي إلى صرف النظر عن احتراف هذه المهنة.
أهمية إنتاج الحرير الطبيعي
تكمن أهميّة هذا الإنتاج بمردوده السّريع للفرد، إضافة إلى تعدّد استعمالاته التي تخطّت صناعة الأقمشة، والخيوط، والسّجاد. لتدخل في العديد من الاستخدامات الأخرى:
- استخدام خيوط الحرير كعازل يُركب داخل أجهزة الهواتف والملفات الالكترونية.
- صناعة الأكواب بالإضافة إلى ذلك، خياطة بعض أنواع الملابس المتينة التي تمنع اختراق الحشرات اللادغة.
- تصنيع بعض الضمادات الطبية من خيوط الحرير الطبيعية، نظرًا لجودتها ومنعها لتهيج البشرة.
- دخول خيوط الحرير كمادة أساسيّة في صناعة إطارات السيارات. بالإضافة إلى ذلك، صنع المظلات العسكريّة، والأكياس الخاصة بالمدفعيّة.
- الاستعانة بالحرير كعلاج للشعر والبشرة.
يحقق إنتاج الحرير الطبيعي استثمارات كبيرة، ناهيك عن الأرباح الاقتصادية الوفيرة للأفراد والمؤسسات، وذلك إذا تم استخدامه وفق طرق صحيحة وملائمة. ولا ننسى أيضًا أنّ عملية الربح هذه مشروطة بالتحلي بالصبر والمثابرة، إضافة إلى العلم والخبرة والمعرفة.