تعاني تونس من محدودية في مواردها الطبيعية، خاصة بالمقارنة مع جارتيها الجزائر وليبيا. لذلك اهتمت الدولة التونسية بتطوير وتنمية المشاريع الزراعية بشكل عام. ولعل أهم تلك المشاريع مشروع تربية النحل، لذلك سنتحدث في مقالنا هذا عن تكلفة مشروع تربية النحل في تونس. باعتبار أن مشروع تربية النحل من المشاريع الّتي تحظى باهتمام معظم السكان في المنطقة، لما له من فوائد في دعم اقتصاد الفرد والدولة.
تربية النحل في تونس
تعتبر تونس مع دول شمالي إفريقيا من المناطق التاريخية العريقة في تربية النحل. إذ تتميز بتواجد النحل البريّ على أراضيها بكثرة، وذلك بسبب مناخها المعتدل، وطبيعتها الجغرافية الّتي تشكل بيئة مناسبة لتواجد وتربية النحل. إضافًة إلى غنى تونس بالغطاء النباتي وخاصًة النباتات العطرية التي تعد الغذاء المُفضل للنحل. مما أكسب النحل التونسيّ شهرًة واسعة على مستوى العالم، لما يتمتع به من جودة عالية، ومذاق مميز.
فشهدت مشاريع تربية النحل اهتمامًا من قِبل الحكومة. وبحسب احصائيات وزارة الزراعة التونسية في عام 1975 كان إنتاج العسل في تونس حوالي 475 طن. ارتفع بشكل كبير خلال العقود الماضية ليبلغَ 3000 طن في عام 2009. كما قُدر عدد المربين في تلك الفترة بحوالي 12 ألف مربٍ.
ورغم تطور أساليب العناية بخلايا النحل إلا أن الإنتاج السنوي للعسل في تونس قد تراجع، وبلغ ذروة تراجعه بين عامي 2010 و2011، إذ لم يتعدَ معدل الإنتاج السنوي 3 كلغ للخلية الواحدة بحسب بعض المربين. إذ أكد المربون تقلص نشاط وحيوية خلايا النحل، بالإضافة إلى ظهور علامات الضعف والوهن على مستوى أفراد الخلية.
وسائل تربية النحل في تونس وتكاليفها
يوجد نوعين من وسائل تربية النحل هما:
- وسائل تقليدية: تنتشر بكثرة في الأرياف، باعتبارها متواضعة الكلفة، ولا يحتاج لميزانيات كبيرة. لكنها سوائل قديمة جدًا، مما يسبب قلة انتاج العسل، وضعف قوة مناعة النحل لمواجهة الأمراض.
- وسائل حديثة: تعتمد على استخدام التقنيات الحديثة بإشراف مختصين. وتربية النحل في بيوت خشبية، مما جعلها قابلة للنقل، وسهولة الكشف المُبكر على الخلايا وتشخيص الأمراض قبل أن تفتك بكلّ الخلية. ولكنها ذات تكلفة مرتفعة، حيثُ تبلغ تكلفة إنشاء مشروع تربية نحل حديث بين 4485 إلى 5500 دولار أمريكي. أيّ ما يعادل 12537.80 إلى 19674.51 دينار تونسيّ. مما يجعل معظم النحالين يتجهون إلى تربية النحل باستخدام الطرق التقليدية.
المخاطر الّتي تواجه المشروع في تونس
تعاني تربية النحل في تونس من عدة أخطار سنذكر أهمها:
- الإفراط في استخدام المُبيدات الحشرية والأسمدة الكيميائية، مما يؤدي لتسمم النحل.
- الزحف الزراعي على معظم الأراضي الّتي تشكل بيئة طبيعية لتربية النحل.
- عدم توافر الأدوية والمبيدات المكافحة لأمراض وطفيليات النحل بأسعار مناسبة للنحالين.
- غياب وسائل التربية الحديثة عن معظم النحالين، واعتمادهم على الوسائل التقليدية ضعيفة الانتاج.
- عدم وعي بعض المزارعين لأهمية تربية النحل كثروة.
مشروع تربية النحل في تونس
كنا قد ذكرنا في بادئ مقالنا أن تونس من الدول الفقيرة من ناحية الموارد الطبيعية. لذلك نلاحظ اهتمام الحكومات المُتعاقبة منذ سبعينات القرن الماضي بمشروع تربية النحل. وقد زاد هذا الاهتمام في مطلع القرن الواحد والعشرين. تحديدًا بعد عام 2011، نظرًا للفوائد الاقتصادية الكبيرة لمشروع تربية النحل. فالنحل التونسيّ مرغوب في العالم لذلك قامت الدولة بعدة إجراءات لتشجيع مشروع تربية النحل. سنذكر منها ما يلي:
- تسهيل استيراد التقنيات الحديثة والأدوات اللازمة في مشاريع تربية النحل.
- زيادة عدد المختصين الّذين يعملون باستخدام تلك التقنيات الحديثة.
- القروض الفلاحيّة المُساعدة للمُزارعين والنحالين.
- مساعدة المزارعين في مكافحة أمراض النحل، والحشرات الضارة، عن طريق توفير أدوية أمراض النحل بأسعار مناسبة.
- زيادة الحملات الإعلانية الّتي تروج للعسل التونسيّ وفوائده.
- زيادة الاهتمام بالغطاء النباتي، خاصة النباتات العطرية والأعشاب الطبية الضرورية لغذاء النحل.
في النهاية نجد أن الدولة التونسية بإمكانها الاعتماد على مشروع تربية النحل في دعم الاقتصاد المحلي. ولكن من الضروري أن يحظى هذا القطاع بالاهتمام الكافي من كل النواحي سواء التقنية أو المادية. حيث كلما كَثُرت التقنيات الحديثة كلما زاد الانتاج ، مما يحقق أرباحًا تعود بالفائدة على الفرد والمجتمع. كما يجب أن يتعاون الأفراد مع جهود الحكومة لتنمية وتطوير مشروع تربية النحل في تونس.