تربية دودة القز في سوريا

تعتبر تربية دودة القز في سوريا من المهن القديمة، التي تنتشر في المناطق الريفية كمصدر دخل إضافي للفلاحين، إلا أنها شهدت تراجعًا ملحوظًا خلال السنوات الماضية، وتعدّ حاليًا من المهن المهددة بالاندثار. لذلك سنستعرض بعض التفاصيل الخاصة بتربية دودة القز في سورية من خلال ما يلي.

تاريخ تربية دودة القز في سوريا

تعتبر تربية دودة القز من المهن التي كانت حكرًا على الإمبراطورية الصينية في عصور قبل الميلاد لأنها الموطن الأساسي لدودة القز والتي تعتبر أساس صناعة الحرير، إذ كانت صناعة الحرير من أضخم التجارات في وقتها حيث سمّي على اسمها الطريق الذي أنشأته الإمبراطورية الفارسية بين الغرب والشرق، وبعد أن انتشرت كيفية تريبة دودة القز إلى الإمبراطورية البيزنطية اختارت الإمبراطورية سوريا كمركز لتربية دودة القز وصناعة الحرير.

ويعود سبب ذلك إلى توفر المناخ المناسب لزراعة أشجار التوت التي تعدّ الغذاء الأساسي لدودة القز، انتشرت تربية دودة القز في محافظتي اللاذقية وطرطوس بشكل أساسي، ولكن شهدت هذه المهنة تراجعًا كبيرًا حيث أنه في تسعينات القرن الماضي وصل إنتاج قرية دير ماما إلى 11 طنًا من الحرير أما في عام 2010 لم يتجاوز الإنتاج السوق السورية 3.5 كن لجميع المحافظات قبل أن تتوقف المهنة بشكال كامل تقريبًا في سنوات الحرب. وماتزال الحكومة السورية زيادة الدعم لهذه المهنة ودعم المشاريع المتعلقة بتربية دودة القز بهدف إعادة الإنتاج المحلي من دودة القز إلى وضعه السابق.

غذاء دودة القز في سوريا

تعدّ أشجار التوت المصدر الأساسي لغذاء الديدان، وهي منتشرة بكثرة في ريف محافظتي اللاذقية وطرطوس. كما يوجد العديد من البدائل الطبيعية التي يمكن تقديمها عوضًا عن ورق التوت، مع العلم يؤدي ذلك إلى انخفاض في جودة الحرير الناتج. ومن الجدير بالذكر لا يستخدم الغذاء الصناعي في سوريا بسبب تكلفته العالية.

دورة حياة دودة القز

تعيش دودة القز في سوريا من نوع بومبكس موري التي تنتج وتتكاثر مرة واحدة في العام. وتمر خلال فترة حياتها بأربعة مراحل وهي:

  • البيوض: تستمر هذه الفترة حتى حلول فصل الربيع، وتخرج اليرقات من البيوض.
  • اليرقات: تحتاج اليرقات تغذية خاصة حيث يقطع المزارعون ورق التوت إلى قطع يختلف حجمها حسب مرحلة نمو اليرقة. إذ تمر كل يرقة بخمسة أطوار قبل الوصول إلى مرحلة الشرنقة، ويستمد المزارعين في سوريا اسم كل مرحلة من خصائص اليرقة الفيزيائية، وتتجلى هذه المراحل بما يلي:
    • البذرة: تسمى بالبذرة بسبب حجمها الصغير حيث تملك اليرقة في هذا الطور أشعارًا خفيفة، وتستمرّ الفترة حوالي الأسبوع.
    • الخضراء: بعد عملية الصيام الأولى تسلخ اليرقة جلدها بسبب زيادة حجمها، ويتحول لونها إلى الأخضر، وتتساقط الأشعار.
    • النقشة: تبدأ عملية الصوم الثانية وتنتهي بانسلاخ الجلد الأخضر، وظهور جلد بألوان مختلفة، وتستمر هذه الفترة أسبوعًا تقريبًا.
    • الحمراء: ينسلخ الجلد المنقّش، ويظهر جلد أحمر بعد عملية الصيام الثالثة.
    • الطور الأخير ويسمى طور كسر الصيام. إذ تنتهي عملية الصيام وتصبح اليرقة بالغة قادرة على تشكيل شرنقة، وتستغرق هذه العملية 3 أيام.
  • الشرنقة: تدخل اليرقات في طور الخمول وتحيط نفسها بشرنقة، حيث تحتاج ثلاثة أسابيع لتتحول إلى فراشة قادرة على وضع البيوض.
  • الفراشة: لا تستمر هذه المرحلة طويلًا، حيث تموت أنثى الفراشة بعد وضع البيوض.

البيئة المطلوبة لتربية دودة القز في سوريا

تحتاج تربية دودة القز عددًا كبيرًا من المتطلبات والشروط التي تضمن أعلى جودة ممكنة للإنتاج، ألا وهي:

  • توفير بيئة محمية من الحشرات والطيور.
  • توفير التهوية المناسبة وتجنّب مرور رياح قوية.
  • الحفاظ على درجة الحرارة بين الـ 24 إلى 27 درجة مئوية.
  • درجات رطوبة مضبوطة.
  • عدم وجود روائح قوية كروائح السجائر.
  • يجب وضع مسافات بين اليرقات للحد من انتشار الأمراض.
  • تجهيز الحوامل الخشبية التي تتثبت عليها ديدان القز.
  • يجب أن تكون الجدران والأسقف خالية من الشقوق.
  • توفير مكان مناسب لحفظ الشرانق من النمل والفئران وعادة توضع في أكياس من الخيش مع مبيد للنمل.

صعوبات تربية دودة القز في سوريا والدعم الحكومي للمهنة

تعدّ تربية الحرير من المهن التي شهدت توقفًا كاملًا خلال السنوات الأخيرة بسبب الأوضاع الاقتصادية والثقافية التي تمر بها البلاد. وبعد توفر الشروط اللازمة لم تشهد هذه المهنة إقبالًا واسعًا كما في السابق بسبب ضعف مردودها المادي والطلب القليل على المنتجات، مما أدى إلى زيادة الفجوة بين الاستهلاك والطلب. الأمر الذي دفع الحكومة لتشجيع هذه المهنة عن طريق:

  • دعم متحف الحرير الموجود في قرية دير ماما.
  • وضع الحرير في مقدمة المهن التي عرضت في مهرجان التراث السوري.
  • زيادة المناطق المستخدمة لتربية دودة القز وفق المشروع التنموي لعام 2017.
  • زيادة الدعم المادي للمهنة.
  • مويل عدد من المشاريع بهدف زيادة الطلب على الحرير من المزارعين.
  • توفير البيوض المحلية للمزارعين بسعر رخيص.

وعلى الرغم من الجهود المبذولة في هذا السياق لكن لا تزال تربية دودة القز من المشاريع الجانبية، بسبب ضعف المردود المادي، وباعتبار أن الربح منها موسميًا، إذ أنها تتكاثر مرة واحدة في السنة.

وفقًا لما سبق يمكن القول إن تربية دودة القز في سوريا هي مهنة تعاود النهوض من جديد ولا تزال في بداية مراحلها، لكن يمكن استشراف مستقبل جيد لها بسبب الحاجة الكبيرة لمشتقات الحرير والتي تعوض خاليًا عن طريق الاستيراد من الخارج.

Scroll to Top