يعتبر تأثير جائحة كورونا على الاقتصاد السعودي من أكبر المشاكل التي واجهت المملكة العربية السعودية في السنوات الأخيرة، حيث أن السعودية كغيرها من دول العالم تعرضت لنكبات اقتصادية شملت جميع قطاعات الحياة. كما أن موسم الحج في ظل انتشار فايروس كورونا COVID – 19 كان مختلفًا عن سابق عهده. حيث أن قرارات منع السفر في جميع دول العالم وكذلك ضوابط التباعد الاجتماعي حالت دون أداء فريضة الحج.
أيضًا تراجع الطلب العالمي على النفط في فترة انتشار فيروس كورونا، مما أدى إلى الإغلاق المؤقت للعديد من شركات إنتاج النفط. لذلك فقد كانت معاناة السعودية مع انتشار هذا المرض كبيرةً. حيث توقفت أهم النشاطات الاقتصادية فيها وبدأت مؤشرات السوق عمومًا بالانخفاض. لذلك كان لا بد للسعودية من التحرك للحفاظ على توازن اقتصادها وحمايته من الانهيار. وقد نجحت فعليًا في ذلك. حيث أن السعودية ورغم الانخفاض الكبير في الإنتاج النفطي لديها في ظل انتشار الجائحة، إلا أنها وجدت مخرجًا آخر بدعم الإنتاج غير النفطي والذي كان منقذًا حقيقيًا لاقتصادها. حيث أنها صنفت من الدول الأوائل التي استطاعت التحكم بتفشي الوباء دون حدوث كسر اقتصادي لديها. وسنستعرض في هذا المقال تأثير جائحة كورونا على الاقتصاد السعودي.
الاقتصاد السعودي قبل جائحة كورونا
منذ اكتشاف النفط في المملكة العربية السعودية بدأت مؤشراتها الاقتصادية بالارتفاع تدريجيًا على مر السنين. حيث تعتبر المملكة العربية السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم، فهو يساهم بحوالي 45% من إجمالي الناتج المحلي و80% من الإيرادات و90% من عائدات التصدير. بالإضافة لذلك فقد شجعت السعودية الاستثمار على أراضيها بشكل كبير، كما أنها جذبت العمالة الأجنبية مقابل أجور مرتفعة. لذلك فقد نشأت فيها مشاريع استثمارية ضخمة عادت عليها بأرباح هائلة.
كذلك سمح الموقع الجغرافي للملكة العربية السعودية بنهوض حركة تبادلات تجارية عظيمة من استيراد وتصدير لمختلف السلع. حيث نجد في السوق السعودي منتجات وبضائع من مختلف دول العالم. كما اعتمد قطاع الصناعة السعودي على نوعين من الصناعة هما الصناعات الثقيلة والتي تشمل المشتقات النفطية بشكل أساسي، والصناعات التحويلية مثل الصناعات الغذائية والكيميائية ومواد البناء. كما تعد مراسم الحج كل عام من أكبر مصادر الاقتصاد السياحي في مكة وجدة والمدينة.
تأثير جائحة كورونا على الاقتصاد السعودي
اعلنت الحكومة السعودية عن عجز في الميزانية يبلغ 40,768 مليار ريال في الربع الثالث من عام 2025، حيث كان لتأثر القطاعات الاقتصادية التالية بظروف الحجر الصحي الدور الأكبر بحدوث هذا العجز.
تأثير جائحة كورونا على قطاع التجزئة
انخفضت حركة البيع والشراء كثيرًا في ظل انتشار فايروس كورونا، حيث طبقت العديد من القواعد الصحية وإجراءات التباعد الاجتماعي للحد من انتشار الفايروس. ونتيجةً لذلك أغلقت العديد من شركات التجزئة متاجرها بسبب فرض الحظر. كما أصبحت الحركة التجارية انتقائيةً لصالح السلع الأساسية للمواطنين كالمواد الغذائية. بينما تأثرت الأنواع الأخرى غير الأساسية من السلع سلبًا وبشكل كبير.
تأثير جائحة كورونا على النفط والبتروكيماويات
أثر فيروس كورونا سلبًا على إنتاج النفط، حيث انخفضت الإيرادات النفطية وغير النفطية لعام 2025 إلى نحو 205 مليار دولار، أي في حدود 16%. كما ارتفع العجز بنسبة 12% أي حوالي 79 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي. كما تأثرت شركة أرامكو أشهر شركات النفط في السعودية وألغت العديد من الصفقات التي أبرمتها قبل انتشار الوباء وأجلت بعضها، واضطرت أيضًا إلى بيع العديد من الأصول لديها حول العالم. وبلغ الطلب على أنواع المعقمات والمنظفات والكحول ذروته عند تفشي جائحة كورونا.
تأثير جائحة كورونا على قطاع الإسمنت
توقفت معظم مشاريع الإنشاء خلال فترة الحظر الكامل، كما انخفض الانفاق الحكومي على المشاريع الكبيرة، وأغلقت العديد من معامل الإسمنت ومواد البناء. حيث صبت الحكومة اهتمامها على جوانب أخرى مما أثر على حركة البناء والتشييد في المملكة العربية السعودية.
تأثير جائحة كورونا على قطاع الاتصالات
تفاوت تأثير فايروس كورونا على قطاع الاتصالات. حيث أدى تعليق رحلات العمرة وحظر السفر إلى انخفاض مبيعات شرائح الاتصال المؤقتة. ولكن مقابل ذلك ارتفع الطلب كثيرًا على خدمات البيانات خلال فترة الحظر لأن معظم الأعمال، والتجارة، واللقاءات، كانت عن بعد عبر الإنترنت ومن المنزل. وكان لذلك الأثر الإيجابي الكبير على شركات الاتصالات السعودية مثل موبايلي وزين، وكذلك شركات الاتصالات الحكومية. لذلك يمكننا القول إن جائحة كورونا كانت ذات أثر إيجابي واضخ على قطاع الاتصالات.
تأثير جائحة كورونا على قطاع السياحة
من الطبيعي أن تتأثر حركة السياحة في جميع بلدان العالم نتيجة تفشي جائحة كورونا، حيث أن إغلاق البلاد كان هو الحل الأمثل للحد من انتشار الجائحة، لذلك فقد ظهر في السعودية خلال موسم السياحة الصيفي مفهوم السياحة الداخلية، حيث أن السعوديين وبدلًا من السفر لخارج البلاد لقضاء عطلتهم، زاروا الأماكن السياحية الموجودة في السعودية نفسها، وبذلك أنعشو السياحة في بلدهم وخففوا من تأثير إغلاق البلاد في وجه السياح الخارجيين. ويكمن الـتأثير السلبي الأكبر لجائحة كورونا على قطاع السياحة من خلال إيقاف مواسم العمرة والحج في الموجات القوية لانتشار الفيروس.
في ختام المقال، نكون قد تعرفنا على تأثير جائحة كورونا على الاقتصاد السعودي، حيث أن الاقتصاد السعودي كان آنذاك أمام تحديين هما الركود الاقتصادي العالمي وانخفاض الطلب في أسواق النفط، بالإضافة إلى الركود الاقتصادي العالمي الذي سببته جائحة كورونا، إلا أن السعودية استطاعت إدارة أزمتها وإنقاذ نفسها من خسائر اقتصادية كبيرة كادت أن تنال منها.