التخطيط Planning الوظيفة الأساسية والخطوة الأولى التي يرتكز عليها أي موضوع، ابتداءً من المستوى الفردي وصولًا إلى مستوى الحكومات. نظرًا لأهمية هذا المفهوم، سنخصص هذا المقال للتعرف على مفهوم التخطيط بالتفصيل، أنواعه، خطواته، عوامل نجاح التخطيط، بالإضافة إلى بعض الأمثلة حول هذا المفهوم، وذلك ضمن سلسلة المقالات التي يقدمها موقع تجارتنا حول أهم المفاهيم الاقتصادية والتجارية.
بشكل عام، لا تخلو حياة أي أحد من المرور ببعض التجارب أو المواقف التي تستدعي اتخاذ قرارات بشأن ما يتوجب فعله ضمن إمكانيات ووقت محددين لا يمكن تجاوزهما، مثل إنجاز مهمة ما في العمل. هل تفكر فيما فعلته في مثل هذه الحالة؟ في الواقع، يطلق على العملية التي قمت بها لاتخاذ هذا القرار اسم التخطيط planning. بالتالي، يشير مفهوم التخطيط بشكل مختصر إلى اتخاذ قرار مسبق لتحقيق هدف ما، كيفية إنجازه، ومتى يجب القيام به؟ أي أنه مجموعة من العمليات المنطقية لتحقيق هدف معين وفق الأولويات والإمكانيات المتاحة. فلنبدأ رحلتنا للتعرف على هذا المفهوم بشكل مفصل.
مفهوم التخطيط Planning
في الواقع، قد تتعدد تعاريف التخطيط تبعًا لوجهة النظر أو المجال الذي يعرف هذا المفهوم سواء من وجهة نظر اقتصادية، سياسية، أو اجتماعية. على الرغم من ذلك، يرتكز تعريف التخطيط في كافة الحالات على استخدام الموارد المتاحة بالشكل الأمثل لتحقيق أهداف مستقبلية منظمة.
بشكل عام، يعرف التخطيط على أنه عملية وضع مخطط لتحقيق هدف ما من خلال حصر كافة الموارد والإمكانيات المتوفرة، وتحديد كيفية الاستفادة من هذه الموارد لتحقيق الهدف خلال فترة زمنية محددة. بالتالي، يحدد التخطيط الوسيلة المتبعة لتحقيق الهدف خلال مدة معينة. كما يعرف بأنه طريقة التوجه نحو الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة سواء الاقتصادية أو البشرية لتحقيق هدف ما.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يعرف التخطيط Planning على أنه التفكير الذهني المنظم لاختيار أنسب الموارد المتاحة من أجل تحقيق أهداف معينة خلال فترة زمنية محددة، مما يعني وضع خطة للاستفادة من كافة الطاقات والموارد المتاحة لتحقيق الهدف بأفضل الطرق.
شاهد أيضًا: الموازنة Budget تعريف المفهوم مع الأمثلة.
خصائص مفهوم التخطيط
في الواقع، يتميز مفهوم التخطيط Planning بمجموعة من الخصائص التي تجعل منه حجر الأساس لأي خطوة في الحياة لا سيما في العمل. بشكل عام، تتمثل أبرز خصائص التخطيط فيما يلي:
- الوظيفة الإدارية: فالتخطيط هو العملية الإدارية الأولى والأهم التي تمهد الطريق للوظائف الإدارية الأخرى، مثل: التنظيم والتوظيف.
- موجه نحو الهدف: حيث يركز على تحديد الأهداف ومسارات العمل الممكنة، ثم اختيار البديل الأنسب ضمن الإمكانيات المتاحة.
- منتشر: على الرغم من اختلاف نطاق التخطيط Planning حسب المجال المطلوب، إلا أنه مطلوب في كافة الشرائح والمستويات بدءًا من التخطيط للنجاح في الدراسة مثلًا، وصولًا إلى وضع خطط للحكومات والدول.
- عمل مستمر: بشكل عام، توضع الخطط لفترة محددة ويتم تحديثها باستمرار أو حتى تغييرها تبعًا للظروف.
- العملية الفكرية: إذ يعتبر التخطيط بمثابة تمرين عقلي يتطلب التفكير، التحليل، والابتكار.
- مستقبلي: بمعنى أنه يلقي نظرة سريعة على المستقبل بهدف تحليله وتوقع فرص النجاح والتحديات المستقبلية الممكن حدوثها.
- صناعة القرار: بشكل عام، تُجمع البيانات اللازمة للتخطيط، تدرس، وتحلل لوضع البدائل. بناءً على ذلك تحدد كل من الإيجابيات والسلبيات للبدائل المتاحة لتتم عملية اتخاذ القرار واختيار المسار الأنسب لتحقيق الأهداف المرجوة بفعالية.
أهمية مفهوم التخطيط Planning
بشكل عام، يساعد التخطيط في عملية حل المشكلات، تطوير العمل، وإعداد المنحى المناسب لتحقيق الهدف. بالتالي، يمكننا تلخيص أبرز النقاط التي تدل على أهمية التخطيط فيما يلي:
- مساعدة المدراء على اتخاذ القرارات وتحسين الأداء المستقبلي من خلال تحديد الهدف واختيار مسار العمل اللازم لتحقيقه.
- تخفيف المخاطر الناتجة عن عدم الدراسة الكافية للموارد والإمكانيات المتاحة.
- المساهمة في تنسيق الأنشطة وضمان عدم التداخل بينها.
- توجيه العمل من خلال تحديد ما يجب فعله لتحقيق الأهداف.
- تحديد كل من الفرص المتاحة والتهديدات المحتملة للمشروع.
- تقديم معايير التحكم من خلال المقارنة بين الأداء الفعلي والأداء القياسي المخطط له.
- استخدام الموارد المتاحة بأنسب الطرق.
- كما أن التخطيط مطلوب في كافة نواحي الحياة سواء للأفراد، الأسر، الاقتصاد، المؤسسات، والحكومات، فهو المطلب الأساسي لضمان النمو والنجاح في أي خطوة.
شاهد أيضًا: أهمية التخطيط السياحي في تحقيق التنمية المستدامة.
مراحل عملية مفهوم التخطيط
بشكل عام، تتطلب عملية التخطيط planning مجموعة من المراحل، وعلى الرغم من وجود بعض الاختلافات على عدد هذه الخطوات في الأمثلة المختلفة عن مفهوم التخطيط، إلا أن الفكرة الأساسية واحدة لا تتغير حيث تتلخص فيما يلي:
- تحديد الأهداف الأساسية.
- جمع البيانات اللازمة لتحقيق الأهداف.
- تحليل البيانات وتحديد مجالات استخدامها.
- وضع الافتراضات والبدائل المتاحة لتحقيق الأهداف.
- مقارنة البدائل على المدى القريب والبعيد واختيار البديل الأنسب.
- تحديد خطوات العمل لتطبيق البديل الأمثل المختار.
- اعتماد الخطة وإقرارها.
- التنفيذ والمتابعة المستمرة لضمان تحقيق الهدف وتصحيح مسار العمل في حال حدوث بعض الإشكالات.
أنواع مفهوم التخطيط Planning
في الواقع، تختلف أنواع التخطيط تبعًا للعامل المستخدم في التصنيف مثل الزمن، المجال أو الوظيفة، المستوى التنظيمي، وغيرها. أما أهم التصنيفات فهي:
أنواع التخطيط حسب المدة الزمنية
تقسم أنواع التخطيط تبعًا للمدى الزمني المخطط له إلى قصير، متوسط، وطويل الأجل.
- قصير الأجل: لا تتجاوز المدة التي يغطيها هذا النوع عامًا واحدًا، إذ يستخدم لحل بعض المشكلات في حال وقوعها. كما يمكن أن تقسم الخطط متوسطة المدى إلى أجزاء أصغر يمكن حلها عبر التخطيط قصير الأجل.
- التخطيط متوسط المدى: وهو النوع الذي يستخدم لمساعدة أصحاب القرار على تعديل الخطط طويلة المدى، وعادةً ما تتراوح المدة التي يغطيها هذا النوع بين 1 إلى 5 سنوات.
- التخطيط طويل الأجل: يستخدم للتخطيط على المدى البعيد الذي يتجاوز 5 سنوات وقد يصل إلى 10 أو 20 عامًا.
أنواع التخطيط حسب الوظيفة
في الواقع، مفهوم التخطيط Planning هو مفهوم عام وشامل، حيث يستخدم في مجالات متنوعة. بشكل عام، يقسم أي عمل إلى نشاطات أصغر مثل قسم الإنتاج وقسم التمويل. لذلك، يقسم التخطيط من ناحية الوظيفة إلى الأنواع التالية:
- تخطيط الإنتاج: يهتم بوضع الخطط لجميع مراحل العملية الإنتاجية اللازمة لتحقيق الهدف.
- التخطيط المالي: وهو النوع الذي يهتم بآلية الحصول على الأموال أو تحديد الموارد المالية اللازمة للحصول على أفضل النتائج بأقل تكلفة وجهد.
- تخطيط البيع: بما أن الهدف الأساسي للمشاريع والمؤسسات الاقتصادية هو الحصول الأرباح، لا بد من وضع خطط للبيع. بشكل عام، يهدف تخطيط البيع إلى وضع خطط لتصريف السلع بأقل تكلفة من خلال دراسة نقاط البيع والعملاء المحتملين.
- تخطيط التموين: أي تقدير المواد اللازمة للوصول إلى الهدف المطلوب ضمن الإمكانيات والمدة المحددة.
أنواع التخطيط حسب نطاق التأثير
في الواقع، عادةً ما يعني مصطلح أنواع التخطيط Planning تصنيف الأنواع تبعًا لنطاق أو حجم التأثير والتي تضم التخطيط الاستراتيجي، التكتيكي، التشغيلي، وتخطيط الطوارئ.
- التخطيط الاستراتيجي: وهو تحديد الأهداف طويلة المدى، تشكيل ووضع الاستراتيجيات، والخطط اللازمة لتحقيقها، بالإضافة إلى تخصيص الموارد المتاحة للوصول إلى هذه الأهداف. بالتالي، فهو التخطيط الذي يحدث تغيير نوعي في المؤسسة أو العمل، ويشمل كافة القطاعات، ومن أمثلة مفهوم التخطيط الاستراتيجي التخطيط لفتح سوق جديد.
- التكتيكي: وهو النوع الذي يدعم التخطيط الاستراتيجي من خلال تقييم البدائل المختلفة من أهداف واستراتيجيات، بالإضافة إلى اقتراح بدائل جديدة. كما يعد تأثيره متوسط الأجل، ومن أمثلة مفهوم التخطيط التكتيكي تقدير حجم الطلب على منتج محدد في السوق.
- التشغيلي: يهتم بتحديد التفاصيل اللازمة للتخطيط التكتيكي من خلال تحديد الأنشطة المتكررة القابلة للقياس. أما أهم الأمثلة عن مفهوم التخطيط التشغيلي، فهو تحديد احتياجات الإدارة من المواد.
- تخطيط الطوارئ: وهو النوع الذي يهتم بالاستعداد للحالات الطارئة من خلال وضع خطط يمكن تنفيذها في حال حدوث بعض المشاكل مثل الكوارث الطبيعية أو فقدان البيانات. ويمكن أن يهتم هذا النوع من التخطيط بالاستجابة للمخاطر، لكن من الأفضل الاستعداد لمعالجة هذه المشاكل بدل الاكتفاء بالاستجابة لها.
عوامل نجاح التخطيط
بشكل عام، لا بد من توفر مجموعة من العوامل لضمان نجاح التخطيط Planning، وهي:
- تحديد أهداف واضحة.
- وضع خطة واقعية، بسيطة، وقابلة للتنفيذ ضمن البيئة المستهدفة.
- وجود مدة زمنية محددة لتنفيذ الهدف.
- دقة البيانات.
- كفاءة الفريق القائم على تنفيذ الخطة.
- المتابعة المستمرة وتحديث الخطة بناءً على الظروف والمتغيرات.
- إشراك المسؤولين عن إعداد الخطة في عملية التنفيذ.
معوقات التخطيط Planning
بشكل عام، لا يمنع التخطيط الجيد من وجود بعض المشاكل والمعوقات التي يمكن تعرقل نجاح الخطة. بشكل عام، تصنف هذه المشاكل تبعًا لمصدر المشكلات إلى معوقات مرتبطة بالخطة، ومعوقات تتعلق بالمسؤولين عن عملية التنفيذ.
معوقات التخطيط المتعلقة بالخطة
في الواقع، تتعدد المشاكل والمعوقات التي تترتب على الخطة بحد ذاتها، ويمكن تلخيصها عمومًا كما يلي:
- صعوبة الحصول على بيانات دقيقة.
- عدم مرونة الخطة، فقد يكون من الصعب مواكبة كافة التغييرات الداخلية والخارجية لتحديث الخطة كما يجب.
- التغييرات السريعة، ومن أبرز الأمثلة على هذه النقطة الصناعات التكنولوجية، حيث تؤدي التغيرات السريعة والمتلاحقة إلى الارتباك وصعوبة التعامل مع هذه التغيرات.
- عدم توفر النفقات الكافية لعملية التخطيط.
- عدم وجود الوقت الكافي لجمع البيانات واتخاذ القرار.
معوقات التخطيط المرتبطة بعملية التنفيذ
في الواقع، لا تقتصر المعوقات على عملية التخطيط Planning فقط، فقد تظهر بعض العوائق التي تؤدي إلى عرقلة الخطة أثناء عملية التنفيذ، وتتمثل أهم هذه المعوقات بـ:
- عدم الالتزام بالتخطيط أو الخطة الموضوعة.
- مقاومة العاملين والمنفذين للتغيرات الطارئة على الخطة تبعًا للظروف المحيطة، حيث يستمر بعض المنفذين في العمل بالشكل القديم الذي اعتاد عليه.
- تركيز المسؤولين عن عملية التنفيذ على خبرتهم السابقة دون الاهتمام بباقي العناصر التي تضمن نجاح الخطة.
أمثلة عن مفهوم التخطيط Planning
في الواقع، يمكنك إيجاد الأمثلة على مفهوم التخطيط أينما التفتت في الحياة العملية، منها:
- التخطيط على المستوى الفردي: مثل التخطيط لرحلة، للحصول على درجة علمية، أو لإيجاد عمل. فلنفترض أن الهدف هو القيام برحلة سياحية، بالتالي، لا بد أولًا من تحديد الوجهة وذلك من خلال دراسة الموارد المالية المتاحة والدول التي يمكن زيارتها بناءً على هذه الموارد، ثم اختيار المكان الذي ترغب بزيارته. أما الخطوة التالية، فهي حجز التذاكر أو تحديد طريقة السفر التي تناسبك.
- التخطيط للبدء بمشروع: يتطلب هذا العمل دراسة سوق العمل وتحليل البيانات لتحديد المشروع الذي يلبي متطلبات المجتمع والذي تمتلك دراية كافية به. بعد دراسة الموارد المتاحة لتنفيذ المشروع سواء المالية، القوى العاملة، المواد الأولية، وغيرها، يمكن اختيار المشروع المناسب والبدء بتنفيذه مع وضع خطط مستمرة لتحديثه.
- التخطيط على المستوى الدولي: حيث تعتمد الدول بشكل أساسي على وضع خطط بعيدة المدى لأهداف متعددة مثل تحسين الواقع المعيشي، محاربة الفساد، تطوير البنى التحتية والخدمات، السياسات الخارجية والداخلية، وغيرها الكثير.
في الختام، يعد التخطيط Planning الوظيفة الأولى ضمن الإدارة والتي ترتكز عليها كافة الوظائف الأخرى من تنظيم، توظيف، وقيادة. لذلك، حرصنا من خلال هذا المقال على تقديم أهم المعلومات حول مفهوم التخطيط، على أمل أن نكون قد وفقنا في تقديم كل ما هو مفيد.