يعتبر الاستقطاع من الراتب للإدخار أمرًا في غاية الأهمية للعديد من الناس، لا سيما في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يشهدها العالم. ورغم أهمية الإدخار الشهري من الراتب، إلا أن ذلك قد يكون صعبًا إذا كان الشخص يكافح لسداد ديونه ونفقات حياته. كما أن أهمية الإدخار لا ترتبط بضيق الحال والحاجة فقط، بل إن هذه الأهمية ترتفع في حال ارتفاع الراتب وتوفر الفائض المالي. حيث تشير معظم الإحصائيات إلى أنّ معظم الناس يميلون لزيادة الإنفاق في حالة ارتفاع رواتبهم، فتتحول عندها الرغبات إلى احتياجات والكماليات إلى ضرورات. وهذا ما يؤدي بدوره إلى الحد من إمكانية التخطيط للمستقبل وبناء الثروة.
ومن الجدير ذكره أن أي استقطاع من الراتب للإدخار يتطلب الكثير من الانضباط والصدق والتخطيط المنظم. كما أنّ وجود خطة مناسبة لهذا الغرض، يزيد من جدوى تنفيذه ويحقق الهدف المنشود المتمثل بالحصول على حياة أفضل بغض النظر عما يخبئه المستقبل.
فإذا كنت مهتمًا بالبحث عن الطريقة والكيفية التي يمكن من خلالها تحقيق استقطاع شهري متوازن من الراتب، واصل قراءة مقالنا هذا، لعله يساعدك في هذه مهمة الاستقطاع من الراتب للإدخار.
حجم الاستقطاع الشهري من الراتب للإدخار
يعتبر مقدار الدخل الشهري العامل الأهم في تحديد نسبة الاستقطاع من الرتب للإدخار، فكلٌ منا مقيّد بدخله في نهاية الأمر. كما أن اهتمامك لا يجب أن يتركز على ما تكسبه، بل يجب أن يتوجه إلى ما تدخره. بحيث تحدد نسبة ثابتة للاستقطاع شهريًا، ولا تحيد عنها مهما كانت الظروف. وينصح العديد من الخبراء الاقتصاديين في هذا الشأن، بتحديد نسبة 50% لنفقات المعيشة، ونسبة 30% للنفقات التي يحددها نمط حياة الشخص كالنقل والملابس مثلاً. بحيث يتبقى نسبة 20%، تستقطع شهريًا من الراتب بهدف الإدخار.
إضافة لذلك، فإنه يمكن تعديل النسب المئوية المذكورة آنفًا بناءً على الأهداف قصيرة وطويلة المدى التي يضعها الشخص العامل لنفسه. فمثلًأ إذا كنت تخطط لقضاء الإجازة الصيفية، فمن الممكن تقليص نسبة نفقات المعيشة قليلًا لزيادة نسبة الإدخار.
كيفية الاستقطاع من الراتب للإدخار
كما قلنا آنفًا، لن تنجح في الإدخار من راتبك في حال عدم وجود خطة تراعي ظروفك ودخلك وتساعدك على توفير المال على المدى الطويل. ويتطلب تنفيذ خطة مناسبة للاستقطاع من الراتب اتباع مجموعة من الأمور الأساسية التي تلعب دورًا محوريًا في تحقيق أهدافك المالية من عملية الإدخار. ونذكر من أهم هذه الأمور:
وضع خطة ميزانية شهرية للإدخار
يساعد وضع خطة ميزانية شهرية على تجنب الإنفاق الزائد والالتزام بالنفقات الأساسية. كما أن وضع مثل هذه الخطة من شأنه المساهمة في تتبع مسار الأموال وبالتالي القضاء على منافذ الهدر التي لا يتم ملاحظتها في كثير من الأحيان.
التقليل من النفقات الشهرية لتحسين الاستقطاع من الراتب للادخار
هناك العديد من النفقات الشهرية الأساسية التي لا يمكن إلغاؤها، ولكن يمكن ضبطها وتقليلها بما يساهم في تحقيق أي استقطاع من الراتب للإدخار. ومن أمثلة هذه النفقات نذكر:
- وسائل النقل والمواصلات.
- إعادة شحن الرصيد للهاتف المحمول.
- التسوق الالكتروني.
- التسوق المتوازن لأغراض البقالة.
- مصاريف الترفيه.
- فواتير الكهرباء والماء.
- طلبات الطعام الخارجية.
تجنب الديون لزيادة الإدخار من الراتب
من المهم الحرص على دفع أي ديون في موعدها المستحق، وتجنب الوقوع في ديون أخرى تقوض فعالية عملية الاستقطاع من الراتب للإدخار.
حفظ المكافآت والزيادات على الراتب
أي زيادة على الراتب، قد تغري صاحبها بصرفها مباشرةً. وهذا يعتبر خطأ فادح يقلل من فعالية الاستقطاع من الراتب للإدخار. يجب دومًا محاربة إغراءات الحياة واستثمار الدخل الإضافي من أجل المستقبل.
دفع أقساط القروض الشهرية في وقتها المحدد
في حال وجود قرض على الشخص الراغب بالإدخار، فلا بد له من الحرص على تسديد الدفعات الشهرية في وقتها المحدد. كما أنّ ذلك يساهم في تجنب أي رسوم وغرامات قد تترتب على التأخير في تسديد هذه الدفعات.
أتمتة المدخرات المستقطعة من الراتب
يجب تحويل نسبة 20% تقريبًا من الراتب شهريًا إلى حساب الإدخار في مصرف معين أو حساب استثمار بمجرد استلام الراتب. كما أن أتمتة هذه العملية يساهم في توليد الفائدة على الاستثمارات من خلال خطة استثمار منهجية.
إلغاء الاشتراكات غير الضرورية لتحسين الإدخار
كثيرًا ما يشترك الأشخاص في خدمات كثيرة، قد لا تكون لها حاجة في الواقع. ومن أمثلة هذه الاشتراكات القنوات التلفزيونية وبعض خدمات شركة المحمول، حيث يستمر خصم مثل هذه الاشتراكات شهريًا حتى وإن توقف المشترك عن الاستفادة منها. مثل هذه النفقات تشكل عبئًا يمكن التخلص منه من خلال إلغاء هذه الاشتراكات.
تجنب القروض الشخصية لنجاح الاستقطاع من الراتب
يمكن الحصول على قرض شخصي بكل يسر وسهولة، إلا أنّ تسديد هذا القرض ليس بنفس سهولة الحصول عليه. كما أن تسديده سيحد من السيطرة على نسبة النفقات الشهرية، وربما يمنع الاستقطاع من الراتب للإدخار.
الابتعاد عن عمليات الشراء غير الضرورية للإدخار من الراتب
قد يرغب العديد من الجيل الشاب بالتسوق عبر الانترنت أو تناول الطعام في مكان فاخر أو حتى شراء ملابس لا حاجة لها. لكن هل هذه النفقات ضرورية؟. بالطبع يمكن العيش بطريقة مريحة ولكن دون الإفراط في الإنفاق على الملذات الشخصية.
الابتعاد عن الشراء بكميات كبيرة لتحسين الاستقطاع من الراتب
من المهم أثناء اتخاذ القرار بخصوص شراء منتج ما، التركيز على جودته وعمره الافتراضي، بدلًا من التركيز على الكمية التي يمكن الحصول عليها من هذه المنتج. كما أن الشراء بكميات كبيرة لا يوفر المال، بل على العكس يعني هذر المال على منتجات ردئية. فلا داعٍ للانسياق إلى الدعاية التي تقول اشترٍ غرضًا واحدًا واحصل على الثاني مجانًا.
حفظ الأموال المدخرة لزيادة الاستقطاع من الراتب للإدخار
كلما انخفضت إمكانية الوصول للمال بشكله العادي، كلما زادت فعالية الاستقطاع من الراتب للإدخار. بحيث يصعب الإنفاق في حال صعوبة الوصول للمال بسبب تحويله إلى أصول مثلًا.
تخفيض تكلفة الترفيه لزيادة فعالية الإدخار من الراتب
يمكن الاستغناء عن بعض الأنشطة الترفيهية المكلفة ببعض أنشطة الترفيه الأخرى غير المكلفة. فمثلًا يمكن الانخراط في أنشطة التخييم والتنزه قليلة الكلفة بدلًا من دفع المال على ارتياد الأماكن الفاخرة سواء المطاعم أو غيرها.
العناية بالصحة لضمان الاستفادة من الإدخار من الراتب
كما يقال: الصحة تاجٌ على رؤوس الأصحاء وبدونها لا يمكن للمال أن يؤدي غرضه. لذا على المدخر أن يهتم أولًا وأخيرًا بصحته حتى يصرف الأموال المدخرة على تحقيق أهدافه بدلًا من صرفها على مرضه.
في الختام، تذكر أنّ استقطاع 20% من راتبك شهريًا يعد هدفًا جيدًا سيعينك على التخطيط للمستقبل بالشكل الأمثل بما يهيئك لمواجهة أي طارئ غير متوقع. اعمل على ترتيب أولوياتك وتخلص من الأشياء التي لا تهمك كثيرًا. كما عليك أن تتعلم الاقتصاد في تكاليف حياتك بدون أن تضطر لحرمان نفسك بالطبع. وعلى الرغم من أن العمليات الحسابية التي تقف خلف الاستقطاع من الراتب للإدخار قد تكون بسيطة، ولكنها تحتاج إلى طرق وأساليب مبدعة كالتي تحدثنا عنها في هذا المقال.