بدأت التساؤلات عن طرق الشحن البحري وأسباب ارتفاع أسعار النقل البحري منذ مطلع 2025. ويعود السبب بأن النقل البحري هو عصب التجارة الدولية وأحد محركات العولمة الرئيسية. فهو ينقل زهاء 80% من حجم التجارة العالمية، وأكثر من 70% من قيمة هذه التجارة التي تجري مناولتها في الموانئ في سائر أنحاء العالم، بل إن هذه الحصص تكون أكثر ارتفاعًا في أغلب البلدان النامية. فالشحنات التي يزيد حجمها عن 500 كيلو غرام تكون باهظة الثمن جدًا، أما بالنسبة للسلع الخفيفة يتم استخدام حاسبة الوزن التي تخضع لرسومٍ من أجل تحديد ما إذا كانت البضائع مشحونةً بناءً على الوزن الحجمي والفعلي، بالإضافة إلى ذلك ظل يغطي استعراض النقل البحري الذي يصدره الأونكتاد التطورات الرئيسية التي تؤثر في التجارة الدولية البحرية وفي النقل البحري والأسطول العالمي والموانئ وأسواق الشحن طوال 44 سنةً متتاليةً . ويغطي الاستعراض أيضًا النقل البري ووصلات النقل المتعدد الوسائط.
مفهوم الشحن البحري
تعمل آلية الشحن البحري على النقل المادي للسلعة من نقطة إلى أخرى، أي نقل البضائع من المستودع إلى العميل. تتبع عملية الشحن تصنيع البضائع وتعبئتها ويتم التحكم بها من قبل شركة الشحن أو الخدمات اللوجستية. بالإضافة إلى أنه وسيلةٌ فعالةٌ من حيث التكلفة لنقل كمياتٍ كبيرةٍ عبر مسافاتٍ طويلةٍ.
أهمية الشحن البحري
من المعروف أن الشحن البحري هو الخيار الأفضل بالنسبة لأي شخصٍ يريد إرسال شحنةٍ دوليةٍ. حيث يقدم خدمات نقل الشاحنين بسعرٍ اقتصاديٍ. ويعتبر الشحن البحري كواحدٌ من أقدم الطرق لنقل البضائع وأحد أكثر الخيارات المتاحة، لأن المحيطات والممرات المائية في الواقع تغطي أكثر من 70% من كوكبنا. حيث تنقل صناعة الشحن البحرية الدولية أكثر من 90% من البضائع في العالم. وتعتبر تكاليف الشحن البحري من الناحية الاقتصادية أقل ب 4 إلى 6 مرات من غيرها من الشحن الجوي والبري. وبالتالي من السهل القول بأن النقل عبر المحيط هو أرخص خيار شحنٍ دوليٍ.
عوائق الشحن البحري
تعد المشكلات والاضطرابات السياسية المحلية والدولية إحدى أهم العوائق التي تقف أمام عملية الشحن البحري. وبالتالي فرضت مجموعة من القوانين الأمنية الحديثة في بعض الدول، نتيجةً للأوضاع والحروب والصراعات الدولية التي تؤثر على حركة النقل البحري بين الدول. بالإضافة إلى ما تسببه أحوال الطقس المتغيرة بشكل مستمر بالطرق البحرية والتي لا يمكن التحكم بها.
خصائص الشحن البحري
تقوم السفن بالتخصص في نقل نوعٍ محددٍ من السلع التجارية. على سبيل المثال، حاويات نقل النفط ومواد البناء والسلع الغذائية المختلفة. حيث تقوم السفن بنقل حمولةٍ آليةٍ وضخمةٍ من البضائع والتي تقدر بمئات الآلاف من الأطنان. مما يساعد على سد احتياجات السوق العالمية من موادٍ مختلفةٍ عبر الاستيراد والتصدير. بالإضافة إلى التكاليف المنخفضة للنقل البحري مقارنةً بالأنواع الأخرى النقل البري، والجوي الذي يتطلب صيانةً دوريةً وتكاليفًا باهظةً لنقل أنواعٍ معينةٍ من السلع، حيث اهتمت دول العالم بتوفير خطوط نقلٍ بحريةٍ رئيسيةٍ وعالميةٍ تمكن من مرونة عملية التبادل التجاري وتسهيلها.
أسعار الشحن البحري
بلغت أسعار الشحن البحري في عام 2011 ومطلع عام 2012 مستوياتٍ غير مربحةٍ لملاكي السفن، في كثير من الأحيان. وتفيد التقارير حدوث تخفيضات هائلة في أسعار الشحن في قطاعات السوائب الجافة والسوائب السائلة والبضائع ً المعبأة في حاويات. وظل العرض الزائد من السفن يمثل عاملًا حافزًا للتخفيضات في أسعار الشحن. وحاول مشغلو السفن الاقتصاد في الإنفاق بزيادة وفورات الحجم عن طريق الاستثمار في السفن الكبيرة السعة في قطاعي سوق الناقلات الصهريجية والسوائب الجافة.
وطوال عدة أشهرٍ، انخفضت الإيرادات اليومية لسفن كيب سايز الكبيرة إلى ما دون إيرادات سفن فئة هاندي سايز الأقل حجمًا منها بكثير. بينما تتمتع السفن الأصغر حجمًا بمرونةٍ أكبر بتقديم خدماتها إلى أنواعٍ كثيرةٍ من الموانئ. تضطر السفن الكبيرة للإبحار بين مراكز التجارة العالمية الأكثر نشاطًا التي انخفضت العمالة التجارية فيها وارتفع العرض الزائد من الحمولة الطنية المتاحة. بالإضافة إلى أنه ظلت تكلفة النقل المحسوبة كنسبةً مئويةً من قيمة البضائع المستوردة تتناقص في البلدان النامية في آسيا والأمريكيتين. وأصبحت تقارب النسبة المسجلة في البلدان المتقدمة.
أسعار الشحن البحري 2025
بدأت تتلاشى القيود التجارية بشكلٍ تدريجيٍ منذ بداية العام 2025 وبالتزامن مع ظهور لقاح covid_19. وفتحت مختلف الأنشطة الاقتصادية على المستوى العالمي، فارتفع حجم الطلب على البضائع والمنتجات العالمية عبر الموانئ. ونتيجة لهذا الضغط الكبير على البضائع، وندرة وجود الحاويات التي تتوازى مع حجم الطلب. ودفع ذلك إلى ارتفاع أسعار الشحن البحري. علاوةً على أن الشحن عبر المحيطات يعاني حاليًا نقصًا في المعدات مع وصول أسعاره إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق بسبب عاملين أساسين هما:
- جائحة covid_19 التي تسببت الكثير من التغيرات والاضطرابات في الموانئ الرئيسية في الصين والولايات المتحدة. بالإضافة إلى إجراءات الحجر الصحي الأخيرة التي تسببت في تراكم وحجز المعدات، وعدم توفرها في الوقت المناسب مثل الحاويات الأساسية والتي تحتاج إليها في أجزاء أخرى من العالم، للمحافظة على مرونة سلاسل التوريد.
- يتمثل ثاني الأسباب، في الطلب الكبير على الشحن البحري مع زيادة إقبال المتسوقين على الشراء عبر الإنترنت في قطاعات. على سبيل المثال، السلع البيضاء (الأدوات المنزلية)، والأثاث والأدوات ومعدات البستنة منذ بدء تفشي جائحة كورونا. وتوريد المنتجات من الشركات للعملاء في النصف الغربي من الكرة الأرضية. حيث تسبب هذان العاملان في نقص طاقات الشحن البحري ومعداته وارتفاع أسعاره حاليًا. ومع ذلك، مازالت تتسم التجارة العالمية بالمرونة بالرغم من جائحة كورونا. وعلى ذلك اتفق خبراء قطاع الشحن والخدمات اللوجستية في دولة الإمارات على رفع القيود تدريجيًا بعد تفشي الجائحة طيلة الشهور الماضية، مما دفع إلى نمو حجم الطلب على البضائع وخاصةً الصينية منها. وذلك في ظل نقص وندرة الحاويات التي تعد الشريان الأول للتجارة الدولية وبالتالي ارتفاع أسعار الشحن البحري. حيث ارتفعت أسعار الشحن البحري بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية بالساحل الغربي بنسبة تصل إلى 6% والتي وصلت إلى 4709 دولار أمريكي، حيث ارتفعت بنسبة 218% عن العام الماضي.
مضاعفات ارتفاع أسعار الشحن البحري 2025
أدى ارتفاع أسعار الشحن البحري إلى قلة حركة النقل البحري بين الصين ودول آسيا إلى بقية دول العالم بسبب توقف بعض الحاويات. بالإضافة إلى ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية الأساسية للدول المستوردة خاصة السلع الغذائية في أوروبا ودول العالم النامي. وزيادة معدلات الركود الاقتصادي العالمي نتيجة لتوقف المصانع في الصين خلال الربع الأول من عام 2025. حيث تتجمع السفن والحاويات الكبرى على موانئ الدول لمدةٍ طويلةٍ لتقوم بعملية التفريغ للسلع والبضائع. وأدى أيضًا إلى انخفاض عدد الأيدي العاملة في الموانئ وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب خاصة في الدول النامية.
وأخيرًا، أدى ارتفاع أسعار الشحن البحري خلال الفترة الأخيرة اضطراباتٍ عديدةٍ في أسعار النقل من دول آسيا إلى بقية دول العالم، مما أدى إلى تشكل أزمة في أسعار السلع. وبالتالي تسبب انخفاضًا كبيرًا في المساحات المخصصة على ناقلات البضائع عبر المحيطات من دولة الإمارات إلى أمريكا اللاتينية وغرب إفريقيا وأوروبا والولايات المتحدة وكندا. حيث تحاول معظم الدول حل هذه الأزمة لإعادة تنشيط التجارة العالمية.