أخذ مفهوم التنمية المستدامة وشروط تحقيقها بالمغرب حيزًا كبيرًا في دراسة المهتمين بحماية البيئة. وذلك نظرًا لاهتمام الحكومة المغربية بالبيئة، وتعزيز الحياة الاقتصادية للشعب، وحماية الثروات. وظهر المصطلح لأول مرة في عام 1980م، من خلال منشور أصدرته لجنة حماية البيئة الدولية. وقد عرفت التنمية المستدامة بأنها قادرة على تلبية احتياجات الشعوب الحالية، وبدون أن تضر بالأجيال القادمة. كما اتخذت الحكومة عدة قرارات في هذا السبيل، وشكلت لجنة لمتابعة تطبيق التنمية المستدامة برئاسة رئيس الحكومة، وتابعت تطبيق التزاماتها في هذا المجال. كما استطاع المغرب تحقيق عدد كبير من الأهداف الموضوعة، وخاصة في محاربة الفقر، وتيسير عدد من الخدمات العامة، وتقليل عدد الوفيات. وسنتعرف في هذا المقال عن مفهوم التنمية المستدامة، وأهميتها، وشروط تحقيقها.
مفهوم التنمية المستدامة
يمكننا أن نعرّف مفهوم التنمية المستدامة بأنها العملية التي تسعى من خلالها الحكومات إلى تطوير مجتمعاتها، وخدمة شعوبها، وتحسين المدن، والبنى التحتية، وكافة وسائل العيش. وكل ذلك تحت شرط واحد، وهو عدم الأضرار بالأجيال القادمة، لضمان حياة سليمة عادلة لكل الناس. كما يركّز المفهوم على تحسين الظروف المعيشية، والحفاظ على الموارد الطبيعية، واستثمارها بالشكل الصحيح المدروس، وتحسين عملية الاقتصاد. وكذلك أكبر تحدي تواجهه التنمية المستدامة هو القضاء على مظاهر الفقر لدى الشعوب، وذلك من خلال التشجيع على استخدام مظاهر حياتية جديدة، والحد من الاستهلاك الزائد، وعدم الإفراط في استخدام الثروات الباطنية، والطبيعية.
أهداف التنمية المستدامة
أكدت جميع الدول على تأييدها لجهود الأمم المتحدة في تطبيق اتفاقية التنمية المستدامة على الكوكب. ولذلك أوصت بعدة أهداف، ومنها:
- القضاء على مظاهر الفقر، وفي جميع الأماكن.
- إرساء قيم المساواة بين الذكر والأنثى، ودعم الأنثى في عدة مجالات.
- نشر التعليم في جميع المناطق، ولمختلف الفئات العمرية.
- دعم اقتصاد الدول، وتوفير فرص العمل للجميع.
- المساواة بين جميع البلدان، وفي داخلها.
- دعم سلام الدول، ونشر ثقافة السلام بين الشعوب، وإرساء سيادة القانون لضمان استمرار التنمية المستدامة. وبالإضافة إلى إنشاء مؤسسات ذات فعالية واسعة، وخاضعة للقانون، والمساءلة.
- إنشاء بنى تحتية قوية، والتشجيع على الابتكار، ودعم المشاريع الصناعية، والتجارية.
- دعم أساليب الترويج، وممارسات الاشتراء العمومي، وضمان وجود الاستهلاك.
- الاهتمام بقطاع التجارة الخارجية. وكذلك تأسيس شراكات عالمية لتحسين القدرات المحلية، ودعم التنمية.
- دعم الشراكات بين القطاعين العام، والخاص، وتبادل الخبرات، والمنفعة.
- دعم الدول النامية للدول الفقيرة، وتزويدها بما تحتاج إليه لتحقيق التنمية المستدامة.
شروط تحقيق التنمية المستدامة في المغرب
تولي حكومة المغرب أهمية كبيرة لتحقيق مفهوم التنمية المستدامة بالمغرب، وفي مختلف القطاعات. ولكي تتحقق التنمية المستدامة لا بد من توافر عدة شروط. ومنها:
- منافسة البضائع الأجنبية، وتحقيق الكفاية.
- القدرة على تحقيق الاستقرار السياسي في البلاد.
- تعزيز التعاون مع جهات أخرى، وإقامة أسواق مشتركة، وتبادل المنتجات.
- انتقاء الأشخاص السياسيين، والاجتماعيين المناسبين. ووضع كفاءتهم، وقدراتهم في هذا المجال.
- العمل على زيادة الوعي بين الناس، ومشاركتهم في تحقيق التنمية المُستدامة. وذلك من خلال مشاركتهم في تمويل المشروعات الكبرى، وتنمية الاقتصاد.
- وضع حد أدنى لرأس مال مشروع للقطاع الخاص، وتقديم التسهيلات، والحوافز.
- سن القوانين التجارية، ودعم المشروعات الصغيرة، والكبيرة.
مشاريع التنمية المستدامة في المغرب
قامت الحكومة المغربية بعدة إصلاحات، ومشاريع لتعزيز التنمية المستدامة، وتحقيق أهدافها متمثلةً بـ:
- ارتفاع نسبة جمع النفايات، وتعبئتها من 44٪ إلى 85٪. وذلك خلال فترة تقارب العشر سنوات.
- اعتماد الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، واعتماد إطار تنظيمي جديد. وكذلك مواصلة التأهيل البيئي. وذلك من خلال تحديد التوجهات الكبرى للاستراتيجية البيئية في التنمية.
- وصول المغرب إلى الريادة على المستوى الإفريقي في مجال الطاقات المتجددة، وتعزيز الإدماج الجهوي. وكذلك أنشأ برامج هدفها تصنيع 6000 ميغا واط من مصادر الطاقة المتجددة.
- تجهيز وحدات الوقاية المدنية، وسيارات إسعاف للإنقاذ، والتدخل في الحالات الطارئة.
- إبرام اتفاقيات في عدة مدن لحماية التربة، ومواجهة المخاطر المحتملة.
- تطوير عملية الرصد البيئي، وزيادة التوعية البيئية.
- القيام بتعزيز الترسانة القانونية البيئية. واعتماد المراسيم، والقوانين المتعلقة بالتقييم البيئي.
- دعم البرامج، والمشاريع البيئية، كبرنامج محاربة التلوث الصناعي.
- الاستمرار في تنزيل، وتسريع عملية التنمية المستدامة. كما أنشأت لجنات وطنية خاصة بهذا المجال.
تحديات تحقيق التنمية المستدامة
هناك عدة صعوبات تقف أمام تحقيق التنمية المستدامة، والتي تتمثل بـ:
- نشر الأمان في المدن، وتحقيق بيئة صحية. وضمان تنمية إنتاجية عالية في ظل التزايد المستمر لعدد السكان، وظهور فئة المخربين.
- تعاني الدول من نقص مستمر في إمدادات المياه العذبة. ولذلك يجب حماية الثروة المائية، والمحيطات، والبحار من رمي نفايات المصانع، ومياه الصرف الصحي فيها.
- كيفية تقديم الخدمات الصحية، والتعليمية للناس. وبخاصة في المناطق الفقيرة، والنائية في الجبال، والصحراء.
- كيفية تعزيز، وغرس النزاهة، والقيم الأخلاقية في الجيل الجديد. وضمان الخصوصيات الشخصية، والأحكام العادلة.
- وجود عدد كثير من الأثرياء الذين يتهربون من الإفصاح عن ثروتهم. كما أنهم لا يدفعون الضرائب للدولة، ويتهربون منها.
- الحروب التي تقضي على استقرار الدول، وتحصد الأرواح البشرية.
كيفية تحقيق التنمية المستدامة
يجب علينا العمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، لأننا نتحدث عن سلامة 7 مليار شخص حول العالم، وليس عن شخص أو اثنين. وتتحقق التنمية المستدامة بما يلي:
- الوعي العالي من قبل شركات النفط، والغاز في العمل. وذلك لضمان سلامة الكوكب من الخطر، ومحاولة استبدال الطاقة الكهربائية، والنفط بالطاقة الشمسية الصديقة للبيئة.
- تشجيع الاستثمارات البيئية، والاجتماعية.
- فرض قانون صارم لكل من يلوث البيئة من أجل زيادة التمويل، والمصالح الشخصية.
- تخصيص صندوق دعم للدول الفقيرة، ومساعدتها في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
- التشجيع على اتخاذ قرارات أخلاقية في جامعات العالم. وتوحيد جهودها في سبيل تحقيق التنمية المستدامة.
من خلال التحليل السابق لمفهوم التنمية المستدامة وشروط تحقيقها بالمغرب نرى أنه يجب أن يأخذ كل طرفٍ دوره في هذه القضية. كما ينبغي أن تتكافل جهود الحكومة المغربية مع الشعب لتحقيق الأهداف الموصي بها من قبل منظمة الأمم المتحدة، وحماية الثروات. وإن القضية قضية عالمية، وليست حكرًا على دولة لوحدها. ولذلك برأينا أن المغرب قادر على تحقيق الأهداف لما يمتلكه من نظام سياسي داعم، وموارد مختلفة، ومقومات ذاتية.