مخاطر الاستحواذ على الاقتصاد

تشكلّ مخاطر الاستحواذ على الاقتصاد جانبًا أساسيًا من جوانب دراسة عمليات الاستحواذ والاندماج في الاقتصاد. فإذا كنت تعتقد أن لصفقات الاستحواذ جوانب إيجابية فقط، فأنت مخطئ بلا شك. وعليك أن تراجع حساباتك ومفاهيمك حيال عالم الاستحواذ في الاقتصاد.
حيث أكدت الدراسة البحثية التي أجرتها الدكتورة “ياسمين فؤاد” في قسم الاقتصاد والعلوم السياسية مخاطر صفقات الاستحواذ. كما وضحت في دراستها العديد من الجوانب التي ارتكزت فيها على تبيان المخاطر الاحتكارية، والتنافسية التي شكلت عائقًا كبيرًا أمام مستويات المنافسة الاقتصادية في السوق، وأثرت بدورها على الجوانب الاجتماعية في العديد من النقاط التي سنذكرها لاحقًا.

عمليًّا، هناك محدد أساسي تعتمد عليه حالة الاستحواذ في السوق من وضع إيجابي أو سلبي، وهو مستوى التركز في السوق الاقتصادية. فكلما تمتع السوق بمستوى عالٍ من المنافسة الحقيقية. ستقل مخاطر الاستحواذ، وتزداد الفوائد. وهذا حقيقةً ما نحتاجه في السوق. وعليه، يمكن تحديد الحالة الإيجابية أو السلبية للاستحواذ.
والآن، سنتكلم في مقالنا عن مفهوم الاستحواذ، وإيجابياته وسلبياته، وكذلك سنتحدث عن أنواعه. فتابعوا معنا المقال للتعرف إلى ذلك.

معنى الاستحواذ على الاقتصاد

يعرّف الاستحواذ بأنّه السيطرة المالية، والإدارية التي تتبعها شركة ما لتؤثر بها على نشاط شركة أخرى سواءً عبر شراء كل أسهم التصويت الخاصة بالجمعية العامّة للشركة المُستَحوذ عليها، أو عبر شراء جزء من تلك الأسهم؛ بحيث تتيح نسبة الأسهم تلك إمكانية الهيمنة على مجلس الإدارة التابع للشركة المُستَحوذ عليها.
لم يكن للاستحواذ سابقًا تلك الأهمية التي يحظى بها اليوم، ويُؤخذ عليها الاعتبار. حيث ظهرت تلك الإستراتيجية بشكل فعلي بنتيجة تغييرات العالم الاقتصادي السريعة، بما فيها العولمة، وإقامة التكتلات الاقتصادية، وفتح الأسواق بدون عوائق، والحوكمة الاقتصادية.
ويمكن ببساطة توضيح مفهوم الاستحواذ بالمثال التالي: بفرض لديك شركة ضخمة لتصنيع منتجات الأخشاب، ورأيت لاحقًا ورشة عمل كبيرةً وخبيرةً، فخطر لك أن تشتريها. وحين ذهبت لتتفاوض مع صاحب الورشة، عرضت عليه شراءها منه بالثمن المتفق، مع إمكانية بقائه فيها والعمل بها، ولكن مقابل أن تكون تابعةً لإدارة شركتك، وهذا يعني أنك استحوذت عليها.

أنواع الاستحواذ

هناك نوعين من أنواع الاستحواذ، يمكن تلخيصهما في هذه القائمة:

  • استحواذ شراء الأسهم: والذي يتمثل بشراء الشركة لنسبة تزيد عن 50% من أسهم الشركة المُستَحوذ عليها. وبذلك، لا تتأثر الشركة المُستَحوذ عليها في العمل، وتبقى متواجدةً في مجال المنافسة وقائمةً. حيث يعتبر هذا النوع من الاستحواذ مفيدًا وجيدًا للباعة. وذلك بفضل انخفاض نسب الضرائب فيها لمجرد بيع قسم كبير من الأسهم.
  • استحواذ شراء الأصول: حيث يمكن للمشتري في هذا النوع أن يشتري الأصول التي يريدها، ويترك التي لا يرغب بشرائها في حال كان عليها التزامات قانونية. علاوةً على ذلك، فإن هذا النوع يتميز بأنه يعزز نمو الشركة المُستَحوذ عليها، ويزيد من فعاليتها. كما ويساعد على إعادة انطلاقها من الصفر، وتحقيق المكاسب بشكل سريع.

إيجابيات وسلبيات الاستحواذ على الاقتصاد

ظهرت فكرة الاستحواذ بشكل حقيقي في العالم الاقتصادي مع منتصف القرن العشرين، وبلغت ذروة انتشارها في الربع الأخير من القرن نفسه. في حين جاءت تلك الفكرة نتيجة ظهور الشركات المساهمة، واستقرارها، وسعيها لتسيطر على بعضها البعض بغية توسيع حجمها، وزيادة نشاطها، وإمكانيتها على المنافسة في السوق الاقتصادية.
وبذلك، يشكل الاستحواذ نشاطًا اقتصاديًا محرّكًا للسوق، وله قوته الاقتصادية التي يؤثر فيها على اقتصاد بلدان عديدة سواءً بشكل إيجابي أو سلبي. ويمكن تلخيص إيجابيات الاستحواذ، وسلبياته التي تشكل مخاطر على الاقتصاد بهذه القائمة:

إيجابيات الاستحواذ على الاقتصاد

  • تؤدي عمليات الاستحواذ إلى إنشاء شركات جديدة وضخمة؛ بحيث ترفع مستوى كفاءة الشركات الاقتصادية من خلال تقديم سلع بجودة عالية، وبأسعار أقل.
  • زيادة أحجام الشركات، وبالتالي تمكينها من الهيمنة على السوق الاقتصادية.
  • تعزيز المواقف المالية والتنافسية للشركات.
  • تخفيض تكاليف الإنتاج.
  • تقليل المخاطر المالية، وكذلك التشغيلية.
  • تحسين نوعية مواد الإنتاج، ورفع كفاءة الخدمات المقدمة.
  • تسهيل الحصول على التمويل وبشروط سهلة، وخصوصًا من المؤسسات المصرفية العالمية.
  • تحسين وضع الشركات الضعيفة. فعلى سبيل المثال: في حال وجود شركة تعاني من مشاكل مالية، فإن الاستحواذ من قبل شركة أخرى عليها سيمدها بالعون والطاقة والمال، وتعطيها قدرات ماليةً واستثماريةً وإداريةً لتنجو وتبدأ بالعمل من جديد، فضلًا عن إغلاقها وإفلاسها.

سلبيات ومخاطر الاستحواذ على الاقتصاد

تتلخص سلبيات ومخاطر الاستحواذ بما يلي:

  • ظهور التكتلات الاقتصادية، والشركات الاحتكارية. مما يؤثر بدوره على المنافسة ويضعفها.
  • إتاحة الفرص للشركات الكبيرة بالتحكم والهيمنة في السوق.
  • رفع مستويات الأسعار في السوق، وبالتالي التأثير على رفاهية المستهلكين بشكل سلبي.
  • من تلك المخاطر أيضًا هناك المخاطر الاجتماعية، والتي تتجسّد من خلال عمليات إعادة تنظيم الكيانات، وإعادة هيكلة العاملين، والاستغناء عن البعض منهم. الأمر الذي يرفع مستويات البطالة في المجتمعات.
  • احتكار العديد من القطاعات الهامة كالقطاعات الاقتصادية، والخدمية، والصحية، والتعليمية. الأمر الذي يؤثر بشكل سلبي في جودة الخدمات التي تقدم إلى الفئة المستهلكة.
  • ومن أهم مخاطر الاستحواذ هي ضغوط الإدارات العليا. فمثلًا من الممكن أن يطلب المدير التنفيذي تحقيق نمو سنوي في مستوى أعمال الشركة المُستحوذ عليها. وهذا سيفرض هيمنة المدراء لتحقيق أعلى مكانة لشركاتهم.
  • تقييم الأصول بقيمة أدنى من قيمتها، وذلك بسبب غياب الشفافية.
  • وتتجسد أهم المخاطر بالاحتكار الاقتصادي، والذي يتمثل بالبيع بأسعار أقل لحين خروج المنافسين من السوق. وبعد ذلك، يعمدون إلى رفع الأسعار لتعويض خسارتهم، وكسب أرباح مضاعفة.

وفي الختام، وبعد التعرف على مخاطر الاستحواذ على الاقتصاد. يتبين لنا تعدد المخاطر الذي تسببها صفقات الاستحواذ بين الشركات، والتي تؤثر بشكل سلبي على دعم اقتصاد البلدان، بالرغم من الإيجابيات العديدة له، والتي لا بد من أخذها بعين الاعتبار.

Scroll to Top