العائد ومخاطر الاستثمار في الأسواق المالية

العائد ومخاطر الاستثمار في الأسواق المالية. في الأسواق المال والأعمال التجارية يقابل كل من مفهومي الربح والخسارة بمصطلحين هما العائد والمخاطرة, الأمر الذي يعني أن قيام المستثمرين باستثماراتهم ينطوي عليها عائد متوقع ومخاطرة محتملة, وبعبارة أخرى إن مصطلحي الاستثمار والعائد والمخاطرة متلازمان, فأينما يوجد الاستثمار يوجد العائد والمخاطرة.

يهدف المستثمر من القيام باستثماراته تحقيق عوائد عالية, وتخفيض التكاليف أو المخاطر المصاحبة لهذه الاستثمارات إلى أقل قدر ممكن, وهذا ما يتطلب منه القيام بقياس العوائد المتوقعة من استثماراته ودرجة المخاطر التي قد تتعرض لها, وتوجد طرق عديدة لقياسها سيتم ذكرها لاحقاً. يمكن القول أن المستثمر من خلال قيامه بقياس العوائد المتوقعة والمخاطر المحتملة للبدائل الاستثمارية المتاحة أمامه, يقوم باتخاذ القرار الاستثماري واختيار مجال الاستثمار المناسب, وتحديد فيما إذا كان سيتجه نحو الاستثمارات المالية أم الاستثمارات الحقيقية, والتي تحقق له الأهداف التي يسعى إليها.  فيما يلي تم الحديث بشكل مفصل عن كل من العائد والمخاطرة, ومخاطرها, والأنواع التي تنقسم إليها.

مفهوم العائد في الاستثمار

يعد العائد أحد أهم متغيرات العملية الاستثمارية ومرتكزاتها, وأحد الأسس التي يستند إليها القرار الاستثماري, حيث يحدد هذا العائد معدل الزيادة والنمو في الثروة التي يطمح إليها المستثمر ويسعى لتحقيقها والوصول إليها, بالإضافة إلى أنه يعتبر أهم ناتج ومحصلة للاستثمار الذي يقوم به المستثمر, ولقد برزت تعاريف عديدة للعائد حيث عُرِّف بأنه: ” المكافأة التي يحصل عليها المستثمر تعويضاً عن فترة الانتظار والمخاطر المحتملة لرأس المال المستثمر”, ويُعرف بأنه: ” التدفقات النقدية المتحققة للمستثمر لقاء توظيف رأس المال في المشروع الاستثماري وخلال فترة زمنية محددة”.

ويعرَّف عائد المتوقع للورقة المالية أنه: المردود أو الربح الذي يحصل عليه المستثمر لدى قيامه بتوظيف أمواله في الاستثمارات المختلفة, وهو أيضاً مقدار الزيادة أو النمو في رأس المال المستثمر, وكذلك هو عبارة عن حاصل قسمة صافي التدفقات النقدية على الأموال التي ولدته.

مفهوم المخاطرة في الاستثمار

من المعروف بأن المستثمرين لدى قيامهم بالاستثمارات, يهدفون بالدرجة الأولى من ورائها إلى تحقيق الربح وتنمية رأس المال, ويقومون بتقدير هذه الأرباح بشكل مسبق, ولكن بعد مضي فترة من الزمن وبعد إقامة المستثمرين لاستثماراتهم, فإنهم قد لا يحققون جميع الأرباح المتوقعة بشكل تام ودقيق, وهنا ينشأ مفهوم يعرف بما يسمى بالمخاطرة Risk.

ينطوي مفهوم المخاطرة Risk على احتمال عدم تحقق الربح أو العائد المتوقع بشكل دقيق, وانحراف العائد الفعلي المحقق بعد القيام بالاستثمار والتداول, عن العائد المتوقع مسبقاً قبل الشروع بهذه الأعمال, وبغية تحديد درجة المخاطرة تتم مقارنة كلا العائدين (المتوقع والمتحقق), وتنعدم المخاطرة حين يتساوى كل من هذين العائدين. عرف باحثون كثيرون المخاطرة بتعاريف متعددة, فمنهم من عرفها بأنها: “عدم تحقق العائد”. ومنهم من عرفها بأنها: ” عدم انتظام العوائد Variability of Returns، والذي يرجع إلى عدم اليقين المتعلق بالتنبؤات المستقبلية”. وآخرون قاموا بتعريفها بأنها: ” احتمال عدم نجاح المستثمر في تحقيق العائد المتوقع على الاستثمار, وهي أيضاً مقدار التغير الحاصل في العوائد المتوقعة في المستقبل بسبب ظروف المشروع الداخلية أو الظروف الخارجة عن سيطرته وقدراته”.

وكذلك عرفت المخاطرة أيضاً بأنها: ” التغير المحتمل في التدفقات النقدية الحاصلة, وبشمول هي نطاق الأحداث المحتملة الحدوث, وعموماً تعرف بأنها الدخل السالب”. قيس هذا المفهوم عملياً بالانحراف المعياري أو بيتا, واللذان سيتم الحديث عنهما لاحقاً.

،بالإضافة الى ذلك عرفت المخاطرة بأنها: ” حالات تظهر في الأحداث التي يمكن التنبؤ بالمستقبل بدرجة معينة من الاحتمالات “.

  من جميع مما سبق يمكن الإشارة إلى أن المخاطرة تنطوي على انحراف وابتعاد العائد المخطط مسبقاُ عن العائد الفعلي المحقق, وهي احتمال الحصول أو عدم الحصول على العائد المتوقع مسبقاً بشكل دقيق.

أنواع المخاطر

ترتبط المخاطر عموماً بعدم اليقين المحيط بنتائج الأحداث المستقبلية, وتتكون المخاطر الكلية للاستثمار من مجموع مكونين هما: مخاطر منتظمة ومخاطر غير منتظمة. تقسم مخاطر الاستثمار بشكل عام إلى نوعين:

المخاطر المنتظمة Systematic Risk

يعرف هذا النوع من المخاطر بالمخاطر العامة، وتعرف المخاطر المنتظمة بأنها تلك المخاطر الناتجة عن عوامل تؤثر في الأوراق المالية عامة وفي النشاط الاقتصادي ككل, ولا يقتصر تأثيرها على شركة أو قطاع معين, بل يمتد تأثيرها ليشمل كافة الأوراق المالية المتداولة في السوق. وترتبط هذه العوامل بالظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية, وهذه المخاطر لا يمكن تجنبها بالتنويع وهذا النوع من المخاطر يقاس بمعامل بيتا Beta.

المخاطر غير المنتظمة Unsystematic Risk

يعرف هذا النوع من المخاطر بالمخاطر الخاصة, وتعرف المخاطر غير المنتظمة بأنها تلك المخاطر التي تنفرد بها شركة معينة دون غيرها, بمعنى أن التقلب الحاصل في أرباحها يعود إلى أسباب وعوامل تتعلق بشركة معينة دون غيرها أو قطاع معين دون باقي القطاعات, وتكون مستقلة عن العوامل المؤثرة في السوق ككل, ومن هذه العوامل: الإضرابات العمالية في شركة أو قطاع معين, الأخطاء الإدارية, التغير في أذواق المستهلكين, المنافسة, وغير ذلك من العوامل, وهذه المخاطر يمكن تجنبها بالتنويع.

مصادر المخاطرة

 مصادر المخاطر المنتظمة

المخاطر الاقتصادية العامة (مخاطر الدورات التجارية) Business Cycle Risk

هي المخاطر الناشئة عن الحالة الاقتصادية في الدولة مثل الكساد والانكماش والسياسات المالية والنقدية, حيث تلعب الظروف الاقتصادية السائدة من كساد وركود وازدهار دوراً كبيراً في التأثير على أسعار الأوراق المالية, حيث تؤثر موجات الكساد التي تصيب الاقتصاد القومي ككل سلباً في نتائج نشاط المنشآت وفي أسعار الأسهم وتؤثر إيجاباً في أسعار السندات, في حين أن ظروف الانتعاش والازدهار تؤثر سلباً في أسعار السندات, وإيجاباً في أسعار الأسهم, ودرجة التأثير على كل من الأسعار والعوائد المتوقعة للأوراق المالية تختلف من بلد لآخر.

من أهم المخاطر الاقتصادية:

  1. عدم تواجد الأسس والدوافع والبواعث لتنمية البلد وتقدمها.
  2. أيضا انعدام أو فقر البلدان بإعداد النظم الإدارية, والترهلات الإدارية التي تتنج عنه.
  3. نشوء البطالة.
  4. كذلك عدم مواكبة التطورات الاقتصادية وخاصة في مجال التكنولوجيا المتقدمة.
  5. ازدياد عدد السكان كظاهرة تعاني منها الدول النامية.

المخاطر السياسية (مخاطر السوق) Market Risk

يعني احتمال وقوع أحداث هامة محلياً أو عالمياً, كاحتمال إجراء تغييرات جوهرية في النظام السياسي أو الاقتصادي في الدولة, وقد يكون لهذه التغييرات آثاراً سلبية تنعكس على نتائج نشاط المنشآت, وهي أيضاً تلك المخاطر التي تصاحب أحداثاً سياسية غير متوقعة, وكمثال على ذلك حادثة اغتيال الرئيس الأمريكي جون كينيدي, وما أعقبه ذلك من عمليات بيع هستيرية في البورصة تلت اغتياله, وبعدها عادت سوق الأوراق المالية للاستقرار, ولدى إسقاط ذلك المصدر من المخاطر على سورية يمكن الاستنتاج بأن أسهم المؤسسات المالية والمصرفية كافة تعرضت إلى الانخفاض وتراجع مؤشر سوق دمشق للأوراق المالية, نتيجة للأحداث السياسية والظروف الأمنية التي تمر بها سورية.

مخاطر تقلبات أسعار الصرف

هي المخاطر المتعلقة بانخفاض قيمة الأوراق المالية المسعرة بالعملة المحلية مقابل العملات الأجنبية, وهذه المخاطر ناجمة عن انخفاض سعر صرف العملة المحلية قياساً إلى العملات الأجنبية, وهذا يعني انخفاض قيمة الاستثمارات بالعملات الأجنبية.

مخاطر تغير أسعار (معدلات) الفائدة

يقصد بها احتمال تقلب أسعار الفائدة مستقبلاً, وإن ارتفاع أسعار الفائدة في السوق بصفة عامة يؤدي إلى ارتفاع الفائدة على القروض, وهذا يؤدي بدوره إلى ارتفاع تكلفة الأموال, وبالتالي سوف ينخفض العائد الناجم عن الاستثمار, وهذا ما يدفع بالمستثمرين إلى تقليل استثماراتهم, ويكون سبباً في إحجامهم عن الاستثمار, والعكس صحيح.

ويعرف هذا النوع من المخاطر بأنها ” المخاطر الناجمة عن حدوث اختلافات بين معدل العائد المتوقع ومعدل العائد الفعلي, بسبب حدوث تغيرات في معدلات الفائدة السوقية خلال المدة الاستثمارية, وهذا النوع من المخاطر أكثر ما يؤثر على السندات”.

مخاطر انخفاض القوة الشرائية لوحدة النقد (مخاطر التضخم)

هي المخاطر الناتجة عن احتمال حدوث انخفاض القوة الشرائية للتدفقات النقدية الناجمة عن الاستثمار مع الزمن نتيجة وجود حالة تضخم في الاقتصاد, ويكون حجم المخاطر كثيراً في حالة الاستثمارات  التي تحمل معدل فائدة ثابت, ويؤثر معدل التضخم في القوة الشرائية للعملة, فارتفاعه يقلل من القوة الشرائية للأموال أو الفوائد, وانخفاضه يزيد من القوة الشرائية, حيث يقوم المستثمر بتوجيه أمواله إلى الاستثمار في الأوراق المالية الأكثر ربحية, وذلك من أجل تغطية نسبة ارتفاع معدل التضخم.

 مصادر المخاطر غير المنتظمة

مخاطر الإدارة مخاطر الأعمال

ترتبط هذه المخاطر بالسوق الذي تعمل فيه المنظمة, حيث تشمل مجموعة الأخطاء التي قد ترتكبها إدارة شركة معينة من الشركات التي تطرح أسهمها في سوق الأوراق المالية, والتي تنعكس سلباً على تداول الأسهم وتحقيق العوائد, وبالتالي  انحراف العائد الفعلي المتحقق عن العائد المتوقع, بالرغم من السمعة الجيدة والمركز المالي القوي اللذان قد تتمتع بهما هذه الشركة, حيث أن بعض الممارسات الخاطئة لإدارة شركة معينة (سواءً كانت متعمدة أم عن غير قصد) قد يحول دون تداول أسهم هذه الشركة, وبالتالي تكبد الشركة خسائر كبيرة تنعكس على أسعار أسهمها.

ومن الأخطاء الإدارية الشائعة: سوء التصرف وعدم اتخاذ التدابير المناسبة في الحوادث الطارئة كأزمات الطاقة وإضرابات العمال, وخسارة مصنع أو معدات بسبب عدم التأمين عليها, أو بسبب عدم تأمين الحراسة اللازمة, وغير ذلك من الخسائر الكثيرة التي قد تمنى بها الشركة, ويرتبط هذا النوع من الأخطاء الإدارية بتدني قدرة الإدارة على إدارة الأزمات.

مخاطر الصناعة

هذا النوع من المخاطر يؤثر في قطاع صناعي معين دون غيره من القطاعات, ودون أن ينعكس ذلك سلباً على الاقتصاد ككل, بل ينحصر تأثير هذا النوع من المخاطر على هذه الصناعة فقط, فمثلاً يؤدي حدوث إضراب عمالي في شركة معينة أو قطاع صناعي معين إلى حدوث خسائر كبيرة في أرباح هذه الشركة أو هذا القطاع, وكذلك أيضاً قد يؤثر ذلك في منتجات ومبيعات تلك الشركة, وغير ذلك من الأضرار التي قد يحدثها مثل هكذا إضراب.

  مخاطر مالية مخاطر الرفع المالي

يقصد بالرفع المالي نسبة التكاليف الثابتة إلى التكاليف الكلية, فإذا كانت درجة الرفع المالي في شركة ما مرتفعة فإن أي انخفاض بسيط في إيرادات الشركة يؤدي إلى انخفاض أكبر في صافي أرباحها, وهذه المخاطر ترتبط بحجم التمويل الخارجي أو الاقتراض والديون. وكلها تشكل عناصر التكاليف الثابتة لعملية التمويل.

 مخاطر الإصدار

هي المخاطر ذات الارتباط بالأوراق المالية التي تصدرها المنظمات أو الشركات, حيث تنطوي الأسهم العادية على مخاطرة أكبر من السندات من وجهة نظر المستثمرين, نظراً للأولوية المتمثلة بالحصول على الفوائد وقيمة السندات عند التصفية أو عند الاستحقاق.

ومع ذلك لا بد من التخفيف من مخاطر الاستثمار بدراسة جدوى المشاريع الاقتصادية ودراسة الشركات المساهمة المدرجة في السوق او دراسة المحافظ الاستثمارية قبل اتخاذ قرار الاستثمار

في النهاية نكون وصلنا الى ختام مقالنا عن العائد ومخاطر الاستثمار في الأسواق المالية. دمتم بخير

Scroll to Top