على الرغم من اعتقادنا بسهولة إنشاء الخريطة الذهنية، إلا أنه حال ما تبدأ الأمور بالتشابك، فتغوص بين أيدينا حبال وسلاسل من الأفكار، وتفلت أخرى. فلا ندرِ أيها أهم، وأيها يربط بالأخرى. وعلى الرغم من أهمية هذا المفهوم في ترتيب الأفكار وتنظيمها، إلا أننا عادةً ما نتهرب من إنشائها نظرًا لهذا. لكن ومع الوقت والتدرب الجيد، يصبح من السهل إنشاء هذه الخريطة خلال بضع دقائق دون أدنى مجهود، فالأمر مرتبط بطريقة تفكير معينة، وتسلسل واضح للخطوات نُعمِل عقولنا وفقه.
وعادةً ما ينصح الخبراء على اختلافهم، بإنشاء خريطة ذهنية قبل البدء بإنجاز أي عمل كان، لترتيب الأولويات وتحديد النقاط الهامة لتجنّب نسيانها أو إهمالها، فهي سبيل لنجاح الإنسان مهما كانت المهمة التي يؤديها.
ما هي الخريطة الذهنية
هي الخريطة التي ينشئها الشخص بهدف تبيان مواضيع الأشياء والمهام المختلفة وأهميتها بالنسبة إليه. لذا يحدث أن يعمل العديد من الناس على ذات الخريطة الذهنية، فينشئ كل منهم واحدةً مختلفةً عن الآخر اختلافًا شبه جذري، وذلك لأن كلًا منهم يرى المحيط من منظور مختلف عن غيره.
وعادةً ما ننشئ هذه الخريطة لتحديد منطقة التفاعل الواجب علينا التحرك وفقها. على سبيل المثال، قد تطلب من موظف ما إنشاء خريطة تعكس الأماكن التي يذهب إليها في يوم العمل، كالمستودع ومكتب المدير وغرفة الاستراحة ودورات المياه وغيرها. تخيل أن هذا الأمر سيساعدك على معرفة كيف ينظر الشخص إلى نفسه فيما يتعلق بمحيطه!
أنواع الخرائط الذهنية
يوجد عادة 7 أنواع مختلفة للخرائط الذّهنية التي يمكنك العمل وفقها، وهي:
- خريطة التدفق (Flow map): مخطط انسيابي يصوّر عمليةً أو تقدّمًا في سير العمل، أو مجموعة من الإرشادات.
- الخرائط متعددة التدفق (Multi-Flow Map): مثالية لتحديد أسباب وآثار أحداث محددة.
- الخريطة الدعامية (Brace Map): مخصصة للكائنات الحقيقية أو الحالات، بدلًا من المفاهيم والأفكار.
- الخريطة الشجرية (Tree Map): تستخدم لتصنيف المعلومات وتنظيمها.
- خرائط الدائرة (Circle Maps): عبارة عن مجموعة من الدوائر التي تحيط بالدائرة المركزية في المركز. تحوي كل منها على أفكار ذات صلة بالطبقة السابقة.
- الخرائط الفقاعية (Bubble Maps): تهدف إلى شرح موضوع باستخدام الصفات والأوصاف ذات الصلة.
- الخرائط الفقاعية المزدوجة (Double Bubble Maps): تجمع بين خريطتين فقاعيتين لإظهار السمات المرتبطة بينهما. وتعرف عادةً باسم مخططات Venn.
استخدامات الخرائط الذهنية
على الرغم من بساطة الأمر، إلا أن إنشاء الخريطة الذهنية يمكن أن يؤثر بشكل كبير على الأداء الشخصي والمهني، ويسهل طريقنا نحو تحقيق النجاح. لذا كان حريًّا على كل منا الاهتمام بإنشائها بشكل كبير. وتستخدم الخريطة الذهنية في عدد كبير من المجالات التي تتمثل في:
عمليات الحفظ من أهم استخدامات الخرائط الذهنية
إن أول ما يطرق أذهاننا عندما نذكر حفظ المعلومات الجديدة هو الدراسة. إلا أن كثيرًا من الناس يميلون إلى استخدام تقنيات مختلفة لتذكر المعلومات كاستخدام الصور والمرئيات، أو المدخلات السمعية، أو النشاطات الحركية المرتبطة، وغيرها.
لكن ما نسبته حوالي 80-90% من المعلومات التي يتلقاها الدماغ تأتي من خلال العين. ألا ينبهك هذا الأمر إلى شيء ما! نعم، تساعدك الخرائط على حفظ المعلومات بشكل أكثر من غيرها. وبحسب الدراسات فإن ما نسبته 65% من الناس على اختلافهم هم متعلمون بصريون. لذا يعتبر رسم الخرائط الذّهنية مساعدًا بالنسبة لهم في فهم وحفظ واكتساب مفاهيم جديدة.
تنظيم الأفكار عبر الخرائط الذهنية
يتداخل هذا الاستخدام مع الاستخدام السابق في نقطة معينة، ولكنه لا يزال يستحق اهتمامًا منفصلًا لأن له تنفيذًا عمليًا واسعًا، لا يمكن قصره على الاحتياجات التعليمية فقط. بل إن له علاقة بكيفية عمل دماغنا.
إذ تساعد الخريطة الذهنية على خلق اتصالات ترابطية بين المفاهيم، مما يساعد في تبيان الترابط بين الأفكار من خلال تقديمها بطريقة غير خطية. قد يفسح النهج غير الخطي المجال لكل من نصفي الكرة الدماغية للبدء بالإبداع والتحليل والاندماج في أفكار مبتكرة.
العصف الذهني عبر الخرائط الذهنية
يبدو من السهل تنظيم الأفكار، لأنك تحتاج إلى جلسة عصف ذهني لتبدأ بإيلائها أهميات متلاحقة. تساعدك الخرائط الذهنية في أداء هذا، حيث تطلق العنان للفوضى الإبداعية التي تولد الأفكار الجديدة وتطورها. ويعتبر استخدام الخرائط الذهنية في العصف الذهني مثالًا لعدة أسباب هي:
- إن الخرائط الذهنية ديناميكية سريعة التغيير.
- تساعدك في استدراك جميع العلاقات المتبادلة بين مختلف الأفكار.
- تفتح المجال أمام تبادل الأفكار ومناقشة حدود كل منها.
إنشاء عروض جذابة من خلال الخرائط الذهنية
توصلت ورقة بحثية إلى استنتاج مفاده أن العروض التقديمية البصرية أكثر إقناعًا بنسبة 43% من العروض التقديمية غير المدعومة بالصور والمخططات الذهنية. لذا يعتبر هذا النوع من الخرائط ممتازًا في توفير تدفق منظم للمعلومات.
تبسيط الأفكار المعقدة من استخدامات الخرائط الذهنية
قد تكون خبيرًا في مجال عملك، ولكنك تحتاج إلى إتقان فن تبسيط الأفكار المعقدة حتى تتمكن من نقل معرفتك، أو تقديم فكرة لزملائك في العمل، أو حتى اقتراح فكرة معينة للإدارة. وكما قال آينشتاين: “إذا لم تتمكن من شرح شيء ببساطة، فأنت لا تفهمه بما فيه الكفاية”.
لذا عليك باتباع الخرائط الذهنية لتبسيط دفق المعلومات الكبير في رأسك إلى معلومات أبسط فأبسط. إذ تربط الخرائط الذهنية الكلمات الرئيسية ببعض النقاط الهامة بشكل بسيطة يسهل فهمه.
دراسة الحالة عبر الخرائط الذهنية
يمكن أن تساعدك إستراتيجية رسم الخريطة الذّهنية في دراسة حالة ما دون تفويت أي من التفاصيل المتعلقة بها. وينبغي في هذه الحالة بناء مخطط واضح ومنطقي لربط أفكارك مع الحالة التي تدرسها.
إدارة المشاريع
لا يملك مدراء المشاريع الوقت لتضييعه، بل يسعون إلى استغلال كل دقيقة تنقضي بشكل منتج وإستراتيجيّ. لذا تساعدهم الخريطة الذهنية في جدولة وتخطيط الأفكار، بالإضافة إلى إدارة الفريق وتنظيم نطاقات عمله، وجدولة اجتماعاته.
ممارسات هامة عند إنشاء خريطة ذهنية
عندما ترغب في إنشاء خريطة ذهنية، يفضل أن تأخذ في الاعتبار مجموعة النصائح التالية:
- ركز على استخدام نصف الألوان الأساسية في تصميمك.
- لا تكثف الرسوم والأشكال ضمن ذات الخريطة، فيصبح من الصعب استدراك جميع الأفكار المتوافرة.
- استخدام خط واضح ومقروء، وتجنب الخطوط الزخرفية التي تجعل التصميم يبدو مرهقًا للفهم.
- تأكد من تبيان الخطوات التفصيلية الهامة ضمن الخريطة، وفي حال احتجت إلى تبيان مجموعة من المراحل، فاعمد إلى تسمية كلٍّ منها.
في النهاية، تذكر دائمًا، أن الأمر يقتصر على ترتيب بعض الأفكار في عقلك، وإعمال بعض الخيال لتنسيق مجموعة المهام بشكل سهل ومبسط دون المبالغة في تفصيل المراحل أو اختصارها بشكل كبير.