التضخم المالي ما هو كيف يحصل في الدول، وما هي أسبابه الرئيسية، وأعلى الدول وأدناها تضخمًا ماليًّا في العالم. حيث يشمل مفهوم التضخم بمعناه العام الزيادة العامة في الأسعار. ولكن، يحدث التضخم المالي لأسباب أساسية ورئيسية ولا سيما في الدول النامية، وهي صاحبة النصيب الأكبر في نسب التضخم المرتفعة. كما وتعدُّ دول عربية مثل سوريا ولبنان في مراتب متقدمة جدًّا من التضخم المالي المرتفع لعام 2025 بأرقامٍ تبدو صادمة وأحيانا مخيفة. وعلى الرغم من ذلك، نجد دولةً عربية مثل قطر من الدول ذات معدل التضخم المنخفض جدًّا، حيث يلعب الاقتصاد العام للدولة وقوتها دورًا كبيرًا في ارتفاع معدلات التضخم أو انخفاضها. بالإضافة إلى ذلك، نجد عوامل أخرى ذات أهمية كالأسباب الأولية والعجر في الإنفاق الحكومي للدول وغيرها كثير، مما سنتعرف عليه في مقال اليوم.
وبالمقابل، نجد أنّ الكثير من الدول الأوروبية ذات معدل تضخم مالي واقتصادي منخفض جدًّا ما لم تتغير الأوضاع الاقتصادية لهذه الدول، مع تأثير الكثير من العوامل الأخرى المشاركة في رفع معدلات التضخم المالية الاقتصادية العامة لأي دولة. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ أصحاب الدخل الشهري المنخفض والثابت هم أكثر المتأذين من التضخم المالي، لعدم قدرتهم على الحياة بطريقة تتناسب مع هذا التضخم الجديد وما ينجم عنه من سلبياتٍ خطيرة في حال ارتفع بشكلٍ كبير جدًّا. ونظرًا لأهمية هذا الموضوع بالنسبة للكثير من الأفراد والعائلات لكونهم المتأثر الأول من التضخم المالي، وانعكاساته على قدرتهم الشرائية بسبب ارتفاع الأسعار المواد والسلع والخدمات. سنلقي الضوء على التضخم المالي ما هو مفهومه وكيف يحصل في الدول.
ما هو مفهوم التضخم المالي الاقتصادي
واحدًا من أهم المفاهيم الاقتصادية في عصرنا الحالي. كما أنّ التضخم المالي هو أحد المقاييس الرئيسة لقياس اقتصاد الدولة، حيث يعدُّ مقياسًا لمعدل الزيادة في أسعار المواد والخدمات والسلع في الأسواق. بالإضافة إلى ذلك، يعتبر التضخم انخفاضًا في القوة الشرائية للنقود، ويقاس التضخم من خلال مؤشر أسعار المستهلك CPI. وفي الواقع يشير الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى أنّ التضخم الاقتصادي بنسبة 2-3% يعتبر جيدًا لاقتصاد الدولة. ولكن، في حال ارتفع التضخم عن هذه النسبة سيتحول إلى تضخم سلبي للغاية، فكيف هو الحال إذا وصل إلى مستوياتٍ قياسية كما هو الحال في دولٍ مثل فنزويلا والسودان ولبنان والتي تجاوزت 200%. بينما يعدُّ التضخم الصغير مفيدًا اقتصاديًّا ويعتبر تضخم مالي اقتصادي إيجابي، في حين يميل التضخم المرتفع إلى إضعاف أداء الاقتصاد العام للدولة على المدى الطويل.
شاهد أيضًا: التضخم الاقتصادي أسباب ونتائج.
كيف يحصل التضخم المالي في الدول
يحدث التضخم المالي الاقتصادي عندما ترتفع الأسعار عبر الاقتصاد، وهو ما يقلل من القوة الشرائية لأموال الأفراد. على سبيل المثال في عام، 1980 كان متوسط تكلفة تذكرة السينما 2.89 دولار أمريكي للشخص الواحد. ولكن، ارتفع متوسط تكلفتها في عام 2019 إلى 9.16 دولارات أمريكية. بعبارةٍ أخرى 10 أشخاص يدفعون في عام 1980 ما قيمته 28.9 دولارًا أمريكيًّا، بينما ذات الأشخاص يدفعون ما قيمته 91.6 دولارات أمريكية. وبالتالي يمكن ملاحظة الفرق بين الرقمين. كما أنه في حال احتفظ الشخص بقيمة 10 دولارات من عام 1980 سيشتري بها تذكرة واحدة فقط في عام 2019. ولكن سيشتري بها 3 تذاكر في عام 1890.
ومع ذلك، لا يجدر بنا التفكير في التضخم المالي الاقتصادي من حيث ارتفاع الأسعار لسلعة أو مادة أو خدمة واحدة فقط، وإنما يشير التضخم إلى الزيادة الكاملة في الأسعار عبر قطاع كامل أو صناعة كاملة في الدولة وهو ما ينعكس على الزيادة في اقتصاد البلاد بأكملها. بالإضافة إلى ذلك، انخفاض قدرة سكان البلاد الشرائية لجميع المواد والمنتجات والسلع بأنواعها كافةً. كما أنه في حال عدم زيادة الإنتاج بكمياتٍ كبيرة واستمرار الاستيراد وقلة العرض من المواد وزيادة الطلب عليها أو نقص الكثير منها، سترتفع أسعارها بشكلٍ كبيرٍ جدًّا يفوق قدرة السكان على الشراء، أي حدوث تضخم مالي واقتصادي بنسبٍ مرتفعة.
كيف نقيس التضخم المالي
توجد مقاييس رئيسة للتضخم المالي تستخدم لتتبع التغيير في الأسعار، كما ويعتبر معظم الاقتصاديين أن التضخم بنسب ضئيلة هو دليلًا على صحة الاقتصاد، ويمكن وصفه بالاقتصاد السليم. بالإضافة إلى ذلك، فهو يشجع على إنفاق الأموال أو استثمارها بدلًا من تخزينها أو اكتنازها وانخفاض قيمتها لاحقًا، وأهم المقاييس المستخدمة للتضخم المالي هي:
- مؤشر أسعار المستهلك CPI.
- ومؤشر أسعار المنتجين PPI.
- ومؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي PCE.
شاهد أيضًا: ما هو الفرق بين التضخم والكساد.
الدول الأعلى في نسب التضخم المالي في العالم
تعدُّ الدول النامية في العالم صاحبة أعلى معدلات تضخم اقتصادي. ولكن، نتيجةً للزيادة الكبيرة في أسعار الخدمات والسلع في الاقتصاد سجلت عددًا من دول العالم تضخمًا ماليًّا واقتصاديًّا هائلًا. كما وكانت هذه الدول هي الأكثر تضررًا من هذا التضخم، وفيما يلي نقدم لكم قائمةً بأعلى الدول في العالم تضخم مالي اقتصادي لعام 2025:
- فنزويلا بنسبة 222.30%.
- السودان بنسبة 220.70%.
- لبنان بنسبة 206.24%.
- سوريا بنسبة 139%.
- زيمبابوي بنسبة 131.7%.
- تركيا بنسبة 73.5%.
- سورينام 59.80%.
- الأرجنتين بنسبة 58%.
- إيران بنسبة 39.3%.
- أثيوبيا بنسبة 36.6%.
شاهد أيضا: آثار التضخم.
الدول الأدنى في نسب التضخم المالي في العالم
يوجد عدد قليل من دول العالم التي تملك أدنى معدلات تضخم مالي في العام 2025. ولكن، ستكون الدول ذات المعدل ذات المعدل الأدنى للتضخم وفق دراسةٍ أعدتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD هي البلدان الإسكندنافية فنلندا والنرويج والسويد. ولغاية عام 2025 فإن أدنى معدلات التضخم المالي هي في دول:
- جزر القمر نسبة التضخم -0.14%.
- اليونان بنسبة -0.13%.
- قطر بنسبة 0.07%.
- سويسرا بنسبة 0.57%.
- غرينادا بنسبة 0.63%.
- بروناي بنسبة 0.65%.
- تايلاند بنسبة 0.76%.
- مقدونيا الشمالية بنسبة 0.89%.
- سان مارينو بنسبة 0.90%.
- السنغال بنسبة 0.91%.
شاهد أيضًا: علاج التضخم ومواجهته.
أسباب التضخم المالي
توجد مجموعة أسباب رئيسية وأساسية مسببة للتضخم المالي في العالم وهي أسباب اقتصادية مباشرة وأخرى غير مباشرة أو غير اقتصادية. ولكن، يساهم كلاهما في حدوث هذا التضخم في الدول التي تعاني من هذه الأسباب بشكلٍ مباشر أو غير مباشر.
شاهد أيضا: أسباب التضخم المالي الأسباب الرئيسية للتضخم حول العالم.
الأسباب الاقتصادية المباشرة لحدوث التضخم المالي
- زيادة أسعار المواد الأولية المخصصة للإنتاج ما يؤدي إلى زيادة الأسعار العامة. كما أنّ ارتفاع الطلب بشكلٍ زائد على سلعة ما يؤدي إلى زيادة سعرها وارتفاعه بشكلٍ كبير.
- أيضا يسبب ارتفاع الأسعار في الأسواق العالمية حدوث تضخم مالي اقتصادي، نتيجةً لارتفاع أسعار السلع والمواد الأولية المستوردة من أسواقٍ خارجية أسعارها مرتفعة. وهو ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار المحلية نتيجةً لزيادة تكلفة إنتاج السلع.
- بالإضافة إلى ذلك، زيادة الإنفاق العام الحكومي فهو يؤدي إلى ضغوط تضخمية على الاقتصاد.
- كما ويسبب تمويل العجز في الإنفاق الحكومي بطبع المزيد من المال وإنفاقه، وذلك بعد تجاوز قدرة الضرائب على تمويل هذا العجز، وبالتالي حدوث ضغط تضخمي اقتصادي.
- زيادة سرعة النشاط الاقتصادي بوتيرة مرتفعة وازدهاره. وبالتالي يميل الأفراد إلى إنفاق المال بمعدل أسرع ما يزيد من سرعة تداوله.
- ولكن، يسبب الادخار وتخزين السلع والمواد من قبل المكتنزين لها إلى حدوث فائض مصطنع في الطلب عليها. وهذا ما يؤدي إلى حدوث تضخم مالي اقتصادي.
- كما ويسبب النقص الحقيقي في قلة الإنتاج، وبالتالي النقص في العرض ليصبح أقل من الطلب زيادةً في الأسعار وحدوث التضخم.
- علاوةً على ذلك، ينبغي أن تلبي الصادرات الطلب الأجنبي والمحلي. ولكن، في حال فشلت في تحقيق ذلك ستخلق الصادرات تضخمًا في الاقتصاد المحلي.
- بالإضافة إلى ذلك، يؤدي خفض الضرائب من قبل الحكومات إلى زيادة الأموال المتداولة. ولكن، بالمقابل هذا الفائض المالي النقدي سيؤدي إلى حدوث تضخم مالي اقتصادي في حال عدم زيادة الإنتاج بمعدل مماثل.
- كما ويسبب فرض الضرائب غير المباشرة ولا سيما على الشركات مثل ضريبة القيمة المضافة إلى حدوث التضخم المال. نظرًا لما تسببه الضرائب في زيادة التكلفة الإجمالية للمصنعين والبائعين وبالتالي زيادة سعر المنتجات وانخفاض قيمة الأرباح.
الأسباب الاقتصادية غير المباشرة لحدوث التضخم المالي
- توجد أسباب غير اقتصادية تسبب حدوث التضخم المالي. على سبيل المثال الكوارث البيئية من الزلازل والبراكين والفيضان بالدرجة الأولى وما ينجم عنه من تدمير المحاصيل. وبالتالي قلة العرص منها وارتفاع أسعارها لاحقًا.
- بالإضافة إلى ذلك، يزيد النمو السكاني من إجمالي الطلب على المواد والسلع في الأسواق. وعلاوةً على ذلك، يؤدي الطلب المفرط على السلع إلى تضخم مالي واقتصادي.
- كما وتؤدي مطالبات النقابات العمالية نتيجةً لارتفاع الاسعار إلى زيادة الرواتب والأجور. وهو بالمقابل يؤدي إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج وزيادة أخرى مستمرة في الأسعار.
شاهد أيضًا: ما هو التضخم الاقتصادي شرح وافي.
نتائج التضخم المالي
للتضخم الاقتصادي في جميع دول العالم آثار ونتائج عديدة، ولا سيما في حال كان هذا التضخم الاقتصادي بنسبٍ كبيرة جدًّا. ولكن، ستكون نتائجه جيدة في حال كان تضخمًا بنسبٍ منخفضة لا تتجاوز 3% في الدولة. وأهم الآثار الناجمة عن التضخم المالي هي:
- يؤدي الارتفاع المستمر والواسع في أسعار الخدمات والسلع والمنتجات بمرور الوقت نتيجةً للتضخم، إلى تآكل القوة الشرائية.
- ولكن، تتفوق سلع الطاقة وأداء الأسهم العقارية تاريخيًا خلال فترات التضخم المتصاعد أو المرتفع.
- وعلى العكس من ذلك، تميل السندات وأسهم النمو باهظة الثمن إلى التأخر. نظرًا لكون التضخم يخفض من القيمة الحالية لتدفقاتها النقدية المستقبلية إلى المستثمرين.
- بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يصبح التضخم المالي والاقتصادي قوة مدمرة في الاقتصاد إذا سُمح له بالخروج عن السيطرة والارتفاع بشكلٍ كبير.
- كما ويمكن للتضخم غير المنضبط أن يطيح باقتصاد أي بلد. على سبيل المثال ما حدث في فنزويلا عام 2018، وهي الدولة ذات معدل التضخم الأعلى عالميًّا. حيث بلغ معدل التضخم المالي فيها أكثر من 1000000% شهريًّا، وهو ما تسبب في انهيار اقتصادها وفرار العديد من سكانها إلى الخارج.
كيف نعالج التضخم المالي
توجد عدة استثمارات تعدُّ من طرق التعامل مع التضخم الاقتصادي. على سبيل المثال العقارات والصناديق المشتركة والذهب والأصول الأخرى. سنتعرض لكم أهمها:
الاستثمار في سوق الأسهم للتغلب على التضخم المالي
هو إحدى السبل أو الطرق المحتملة للتغلب على التضخم الاقتصادي نظرًا لكون أسعار الأسهم الفردية تنخفض أو ربما تتوقف الشركات الفردية عن العمل. كما أن الاستثمار فيها لا يقدم أي ضمانات. ولكن، مؤشرات سوق الأسهم الواسعة ترتفع على المدى الطويل متغلبةً على التضخم، نظرًا لكون الاستثمار المتنوع في صندوق مؤشر سوق واسع ينمي الثروة ويتغلب على التضخم.
السندات للتغلب على التضخم المالي
تقدم السندات عائدًا أقل من الأسهم وهي مرتبطةٌ بالاقتصاد الكلي. ولكن، بإمكانها التغلب على التضخم الاقتصادي، حيث يستخدمها المستثمرون ممن يهابون المخاطرة للحصول على عوائد منها والتغلب على التضخم.
الذهب للتغلب على التضخم المالي
يعتبر الذهب بالنسبة للكثير من المستثمرين وسيلةً أخيرةً للتغلب على التضخم الاقتصادي. وعلى الرغم من ارتفاع أسعار الذهب عالميًّا من عام 1968 وزيادة قيمته بنسبة 7.6%. لكن انخفضت قيمته في عام 2013 بنسبة 28%، وفي عام 2015 انخفضت بنسبة 12%. لذا يعتبره البعض ملاذًا غير آمن وغير مستقر. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يتقلب سعره ويتأثر بحركات العملات العالمية والسياسات النقدية لبنك الاحتياطي الفيدرالي والبنوك الأخرى المركزية.
أوضحنا لكم في ختام عرضنا عن التضخم المالي ما هو مفهوم التضخم كيف يحصل في الدول بالإضافة إلى ذلك، سلطنا الضوء على أكثر الدول وأدناها تضخمًا ماليًّا، حيث تشير الأرقام إلى تناقضاتٍ كبيرة في نسب التضخم بين دول العالم لأسبابٍ كثير. كما وأدى هذا التضخم فيها إلى نتائج خطيرة وأحيانا مدمرة للبعض، ومع سعي الكثير من الدول للمحافظة على نسب تضخم معتدلة للاستفادة منه قدر الإمكان في تطوير اقتصادها واستثمار أموالها. لكن، نجد دول أخرى تحاول جاهدةً الخروج من فوهة التضخم الهائل.