اقتصاد السوق الإسلامي؛ ينظّم الاقتصاد الإسلامي الحياة الاقتصادية وفق مجموعة من القواعد والقيم ومعايير السلوك، ويقيم علاقات الإنتاج جميعها في المجتمع الإسلامي. تستند القواعد والقوانين والمعايير في النظام الإسلامي على تلك الموجودة والمعترف بها في القرآن والسنّة النبوية الشريفة و قوانين الفقه كما جسّدها آلاف الفقهاء على مدى ما يزيد عن 1400 عام مضى، وذلك كاستجابة للإسلام على الظروف المتغيرة والحياة المتطورة للمسلمين في جميع أنحاء العالم.
عناصر النظام الاقتصادي الإسلامي
اقتصاد السوق الإسلامي؛ يُشار إلى أي نظام اقتصادي بثلاث جوانب على أنها العناصر الرئيسية المميزة له، وهي:
الملكية
المالك الحقيقي في الإسلامي هو الله تعالى، وانطلاقاً من هذا المعيار فإن الملكية في النظام الإسلامي هي الأمانة. يتصرّف الإنسان في السلع الدنيوية بكاملها بصفته نائب الملك والوصيّ عليها ولذلك تكون حدوده مقيّدة بحدود الله و ينبغي أن تكون ممارساته فيها موجّهة نحو الغايات التي حددها الله. إن تلك المعايير عكس ما يفرضها النظام الرأسمالي، لأن حق الملكية ليس مطلقاً ولكن له قيود ومؤهلات لا تفرضها الحكومة في الدولة بسلطتها، وإنما قوة إيمان الفرد ورغبته في الكون كمسلم متدين. ومن هنا نجد أن الصالح العام ورفاهية المسلمين بأن يتم استيعابهم في عمليه الصنع القرار بالاشتراك مع الدولة.
التوزيع
العدل والمساواة هما قيمتان أساسيتان رئيسيتان في النظام الاقتصادي الإسلامي، والعدالة التوزيعية هي أهم ما يشغل النظام الاقتصادي الإسلامي، حيث يكون التوزيع العادل للدخل والثروة هي هدف بحد ذاته لهذا النظام. أما من الناحية العملية، فيتم تحقيق العدالة والمساواة في التوزيع من خلال مؤسسات إسلامية تشكل الحجر الأساسي للضمان الاجتماعي في الإسلام. ومن أهم الأمثلة على ذلك:
الزكاة
هي العنصر الثالث من عناصر الإسلام، وهي نظام ضمان اجتماعي فريد. الزكاة ليست صدقة من الغني إلى الفقير، وإنما حق من حقوق الفقراء في ثروة كل من يملكها. تضمن الزكاة تحويل جزء من ثروة الأغنياء بشكل مباشر إلى الفقراء، وليس الحكومة. ويكون الغرض منها هو إعادة توزيع الثروة بشكل عادل والحفاظ على المجتمع من أن يصبح مجتمع طبقي، ولذلك تُفرض الزكاة على كل فرد تقريباً وبالمقدار الذي يناسب ثروته وما يملكه.
الميراث
يحارب الإسلام الظلم وتركيز الثروة بكل ما يفرضه من معايير و أسس. كما تضمن قوانين الميراث الإسلامية ذلك المبدأ. على سبيل المثال، يمنح المتوفى حق في تخصيص جزء من ثروته للاستخدامات الخيرية.
الحرية الاقتصادية
إن الحرية هي ركن أساسي من أركان النظام الاقتصادي الإسلامي. حيث أن الرسالة الإسلامية الأساسية جاءت لتحرير الإنسان من العبودية بأنواعها وأشكالها المختلفة. الإرادة الحرة في الإسلام هي شرط من أهم شروط صحة جميع أنواع العقود. وإلى الآن يتم تضمين حقوق الإنسان الأساسية التي كانت جزءاً من النظام القانوني الإسلامي في قوانين الدول المتحضرة، مثل حظر الاحتكار ومنع التلاعب في الأسعار.
الاقتصاد الإسلامي خالي من الفوائد
إن التجارة في العالم اليوم قائمة على أساس الدَين القائم على الفائدة. ولا شك في أن مجرد التفكير في ارتفاع أو انخفاض سعر الفائدة يؤدي إلى خراب أكيد في جميع قطاعات الاقتصاد. وقد جاء في اقتصاد السوق الإسلامي:
تلعب الفائدة اليوم دوراً مهماً في الاقتصاد. ولكن الاقتصاد الإسلامي هو نظام خال من المعاملات الربوية و لا يسمح بالتمويل القائم على الفائدة. بالرغم من أن هذا القانون قد يبدو بعيد المنال في العصر الحديث. إلا أن الباحثون الاقتصاديون الإسلاميون يقولون إن هذا القانون ليس ممكناً فحسب. بل أنه أفضل من النظام القائم على الفائدة.
يفرض الإسلام المكافأة على الأموال المستثمرة على أساس الاستخدام والاستثمار الجيد للأموال. وتتوقف الأرباح على أداء مستخدمي الصندوق الاستثماري. وتكون كل الأرباح ناتجة عن استخدام المدخرات. وليس على عائد ثابت محدد مسبقاً (الفائدة).
القيمة الزمنية للنقود
هل حقيقة تحريم الإسلام للفائدة والربا تعني بالضرورة عدم وجود قيمة زمنية للنقود في اقتصاد السوق الإسلامي؟
الجواب هو النفي. وهناك أدلة كثيرة تثبت أن القيمة النقدية في العديد من المعاملات الشرعية المنصوص عليها مرتبطة بالوقت. على سبيل المثال، يجوز في الشريعة زيادة السعر في مبيعات الدفع المؤجل وفقًا لطول مدة الدين الناشئة عن هذا البيع. وجميع علماء الشريعة يقرون بذلك، حيث أنّ كثير منهم يسمح للبائع بتخفيض سعر البيع المؤجل في حالات الدفع المسبق، وحجتهم هي أن جزءاً من السعر يكون مرتبطاً بالوقت.
بذلك وصلنا إلى نهاية مقالنا الذي كان عن اقتصاد السوق الإسلامي.